الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }

المعنى: ثمّ ذكر الله الذين انهزموا يوم أحد أيضاً فقال { إن الذين تولوا منكم } أي إن الذين ولّوا الدبر على المشركين بأحد منكم أيها المسلمون عن قتادة والربيع، وقيل هم الذين هربوا إلى المدينة في وقت الـهزيمة عن السدي { يوم التقى الجمعان } جمع المسلمين وسيدّهم رسول الله وجمع المشركين ورئيسهم أبو سفيان { إنما استزلـهم الشيطان } أي طلب زلّتهم عن القتيبي وقيل أزل واستزل بمعنى { ببعض ما كسبوا } من معاصيهم السالفة فلحقهم شؤمها وقيل استزلـهم بمحبتهم للغنيمة مع حرصهم على تبقية الحياة عن الجبائي، قال وفي ذلك الزجر عما يؤدّي إلى الفتور فيما يلزم من الأمور وقيل استزلـهم بذكر خطايا سلفت لـهم فكرهوا القتل قبل إخلاص التوبة منها والخروج من المظلمة فيها عن الزجاج { ولقد عفا الله عنهم } أعاد تعالى ذكر العفو تأكيداً لطمع المذنبين في العفو ومنعاً لـهم عن اليأس وتحسيناً لظنون المؤمنين { إن الله غفور حليم } قد مرّ معناه وذكر أبو القاسم البلخي أنه لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد إلا ثلاثة عشر نفساً خمسة من المهاجرين وثمانية من الأنصار فأما المهاجرون فعلي ع وأبو بكر وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وقد اختلف في الجميع إلا في علي ع وطلحة، وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال ورأيتني أصعد في الجبل كأني أروى ولم يرجع عثمان من الـهزيمة إلا بعد ثلاث فقال لـه النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد ذهبت فيها عريضة ".