الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ }

القراءة: قرأ أبو بكر عن عاصم ورُضوان بضم الراء كل القرآن والباقون بكسر الراء. الحجة: الرضوان مصدر فمن كسره جعلـه كالرِئْمان والحِرمان ومن ضمه جعلـه كالرجحان والشكران والكفران. الإعراب: منتهى الاستفهام في أؤنبئكم عند قولـه عند ربهم ثم استأنف جنات تجري على تقدير الجواب كأنه قيل ما ذلك الخير قال هو جنات وقيل منتهى الاستفهام عند قولـه بخير من ذلك ثم ابتدأ فقال للذين اتقوا عند ربهم جنات ويجوز في العربية في إعراب جنات الرفع والجر فالجر على أن يكون آخر الكلام عن ربهم ولا يجوز الجر على الوجه الآخر للفصل باللام كما لا يجوز أمرت لك بألفين ولأخيك مائتين حتى يقول بمائتين ولو قدمت فقلت ومائتين لأخيك لجاز وخالدين نصب على الحال. المعنى: لما صَغَّر تعالى الدنيا وزهَّد فيها في الآية الأولى عَظّم الآخرة وشَرَّفها ورَغَّبَ فيها في هذه الآية فقال { قل } يا محمد لأمتك { أؤنبئكم } أخبركم { بخير من ذلكم } بأنفع لكم مما سبق ذكره في الآية المتقدمة من شهوات الدنيا ولذاتها وزهراتها { للذين اتقوا } ما حرم الله عليهم { عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار } أي من تحت أشجارها الأنهار وعلى القول الآخر أخبركم بخير مما سبق للذين اتقوا عند ربهم ثم ابتدأ فقال جنات أي ذلك الخير جنات تجري من تحت أبنيتها الأنهار وبيّن الله بهذا أن أنهار الجنة جارية أبداً ليست كأنهار الدنيا التي يجري ماؤها تارة وينقطع أخرى { خالدين فيها } أي مقيمين في تلك الجنات { وأزواج مطهرة } من الحيض والنفاس وجميع الأقذار والأدناس والطبائع الذميمة والأخلاق اللئيمة { ورضوان من الله } ووراء هذه الجنات رضوان من الله { والله بصير بالعباد } أي خبير بأفعالـهم وأحوالـهم.