الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير حفص قُرح بضم القاف فيهما وكذلك قولـهمن بعد ما أصابهم القرح } [آل عمران: 172] والباقون بفتح القاف. الحجة: قال أبو علي قَرح وقُرح مثل ضَعف وضُعف والكَره والكُره والدَفء والدُفء والشَهد والشُهد قال أبو الحسن قرح يقرح قَرحاً وقُرحاً فهذا يدل على أنهما مصدران ومن قال أن القرح الجراحات بأعيانها والقُرح ألم الجراحات قُبلَ ذلك منه إذا أتى فيه برواية لأَن ذلك مما لا يعلم بالقياس. اللغة: الوهن الضعف والوهن والموهن ساعة تمضي في الليل، الأعلون واحدة الأَعلى ومؤنثة العلياء وجمعه العليات والعلى، والفرق بين اللمس والمس أن اللمس لصوق بإحساس والمس لصوق فقط والدولة الكَرَّة لفريق بنيل المراد وأدال الله فلاناً من فلان إذا جعل الكرة لـه عليه وتداول القوم الشيء إذا صار من بعضهم إلى بعض وضَمَّ الدال في الدَوْلَة وفتحها لغتان وقيل الضم في المال والفتح في الحرب. الإعراب: وأنتم الأَعلون جملة في موضع الحال كأنه قال لا تحزنوا عالين أي منصورين على الأَعداء ويحتمل أن يكون لا موضع لـها في الإعراب لأَنها اعتراض بوعد مؤكد وتقديره ولا تهنوا ولا تحزنوا إن كنتم مؤمنين وأنتم الأَعلون مع ذلك وقولـه { وليعلم الله } العامل في اللام محذوف يدل عليه أول الكلام وتقديره وليعلم الله الذين آمنوا نداولـها ويجوز أن يعلم فيه نداولـها الذي في اللفظ وتقديره نداولـها بين الناس بضروب من التدبير وليعلم الله الذين آمنوا. النزول: قيل " نزلت الآية تسلية للمؤمنين لما نالـهم يوم أحد من القتل والجراح عن الزهري وقتادة وابن أبي نجيح، وقيل لما انهزم المسلمون في الشعب وأقبل خالد بن الوليد بخيل من المشركين يريد أن يعلو عليهم الجبل فقال النبي: " اللهم لا يَعْلُنَّ علينا اللهم لا قوة لنا إلا بك اللهم ليس يعبدك بهذه البلدة إلا هؤلاء النفر " " فأنزل الله تعالى الآية وتاب نفر رماة فصعدوا الجبل ورموا خيل المشركين حتى هزموهم وعلا المسلمون الجبل فذلك قولـه { وأنتم الأعلون } عن ابن عباس وقيل " نزلت الآية بعد يوم أحد حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بطلب القوم وقد أصابهم من الجراح ما أصابهم وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يخرج إلا من شهد معنا بالأَمس " فاشتد ذلك على المسلمين فأنزل الله تعالى هذه الآية " عن الكلبي ودليلـه قولـه تعالى: { ولا تهنوا } في ابتغاء القوم الآية. المعنى: ثم حَثَّ الله تعالى المسلمين على النجدة ونهاهم عن الوهن والحزن ووعدهم الغلبة في الحال وحسن العاقبة في المآل فقال { ولا تهنوا } أي لا تضعفوا عن قتال عدوكم { ولا تحزنوا } بما يصيبكم في أموالكم وأبدانكم، وقيل لا تضعفوا بما نالكم من الجراح ولا تحزنوا على ما نالكم من المصائب بقتل الإِخوان، وقيل لا تهنوا بما نالكم من الـهزيمة ولا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة { وأنتم الأعلون } أي الظافرون المنصورون الغالبون عليهم في العاقبة وقيل أراد وأنتم الأَعلون في المكان { إن كنتم مؤمنين } معناه إن من كان مؤمناً يجب أن لا يهن ولا يحزن لثقته بالله ويحتمل أن يكون معناه إن كنتم مصدقين بوعدي لكم بالنصرة والظفر على عدوكم فلا تهنوا ولا تحزنوا.

السابقالتالي
2 3