الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ } * { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ }

اللغة: الكَبْت الخزي وهو مصدر كَبَت الله العدوّ أي أخزاه وأَذَّلـه وقال الخليل الكبت صرح الشيء على وجهه كبتهم الله فانكبتوا وحقيقة الكبت شدة الوهن الذي يقع في القلب وربما صرع الإنسان لوجهه للخور الذي يدخلـه والخائب المنقطع عما أمل ولا يكون الخيبة إلا بعد الأمل لأنها امتناع نيل ما أمل واليأس قد يكون قبل الأمل وقد يكون بعده واليأس والرجاء نقيضان يتعاقبان كتعاقب الخيبة والظفر. الإعراب: نصب أو يتوب عليهم على وجهين أحدهما أن يكون عطفاً على ليقطع ويكون قولـه ليس لك من الأمر شيء اعتراضاً بين المعطوف والمعطوف عليه كما تقول ضربت زيداً فأفهم ذلك وعمراً والآخر أن يكون أو بمعنى إلاَّ أن فكأنه قال ليس لك من الأمر شيء إلا أن يتوب الله عليهم أو يعذبهم فيكون أمرك تابعاً لأمر الله لرضاك بتدبيره فيهم. المعنى: { ليقطع طرفاً من الذين كفروا } اختلف في وجه اتصالـه بما قبلـه فقيل يتصل بقولـه { وما النصر إلا من عند الله } ومعناه أعطاكم الله هذا النصر وخصَّكم به ليقطع طائفة من الذين كفروا بالأسر والقتل وقيل هو متصل بقولـه { ولقد نصركم الله ببدر } أي ولقد نصركم الله ببدر ليقطع طرفاً وقيل معناه ذلك التدبير ليقطع طرفاً أي قطعة منهم والمعنى ليهلك طائفة منهم وقيل ليهدم ركناً من أركان الشرك بالقتل والأسر وأما اليوم الذي قطع الله فيه الطرف من الذين كفروا فيوم بدر قتل فيه صناديدهم ورؤساءهم وقادتهم إلى الكفر فيقول الحسن والربيع وقتادة وقيل هو يوم أحد قتل فيه منهم ثمانية عشر رجلاً وإنما قال ليقطع طرفاً منهم ولم يقل ليقطع وسطاً منهم لأنه لا يوصل إلى الوسط منهم إلا بقطع الطرف ولأن الطرف أقرب إلى المؤمنين فهو كما قالقاتلوا الذين يلونكم من الكفار } [التوبة: 123] أو يكبتهم معناه أو يخزيهم بالخيبة مما أملوا من الظفر بكم عن قتادة والربيع، وقيل معناه يردهم عنكم منهزمين عن الجبائي والكلبي، وقيل يصرعهم الله على وجوههم، وقيل يظفركم عليهم عن المبرد وقيل يلعنهم عن السدي وقيل يهلكهم عن أبي عبيدة. { فينقلبوا خائبين } لم ينالوا مما أملوا شيئاً { ليس لك من الأمر شيء } قيل هو متصل بقولـه { وما النصر إلا من عند الله } فيكون معناه نصركم الله ليقطع طرفاً منهم ويكبتهم وليس لك ولا لغيرك من هذا النصر شيء عن أبي مسلم وقيل إنه اعتراض بين الكلامين وقولـه { أو يتوب } عليهم متصل بقولـه { ليقطع طرفاً } فيكون التقدير ليقطع طرفاً منهم ويكبتهم أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم قد استحقوا العذاب وليس لك أي ليس إليك من هذه الأربعة شيء وذلك إلى الله تعالى.

السابقالتالي
2 3