الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُنزَلِينَ } * { بَلَىۤ إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُسَوِّمِينَ } * { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ }

القراءة: قرأ ابن عامر منزّلين مشددة الزاي وقرأ الآخرون منزلين مخففة وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم مُسَوّمين بكسر الواو وقرأ الباقون بفتحها. الحجة: حجة من قرأ منزلين بالتخفيف قولـه وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكاً ولأن الإنزال يعمّ التنزيل وغيره وحجة ابن عامر ما ننزل الملائكة وتنزل الملائكة والروح فيها لأن تنَزَّل مطاوع نَزَّل ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وقال أبو الحسن من قرأ مسومين بالكسر فلأنهم سوَّموا الخيل ومن قرأ مسومين فلأنهم سُوِّموا وقال مسومين معلمين ويكون مرسلين من سوم الخيل إذا أرسلـها ومنه السائمة وقال علي بن عيسى أن اختيار الكسر لتظاهر الأخبار بأنهم سوّموا خيلـهم بعلامة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سوّموا فإن الملائكة قد سومت ". اللغة: بدر ما بين مكة والمدينة وقال الشعبي: سمّي بدراً لأن هناك ماء لرجل يسمى بدراً فسمي الموضع باسم صاحبه، وقال الواقدي: هو اسم للموضع وكل شيء تمّ فهو بدر وسمي بدر السماء بدراً لتمامه وامتلائه، وعين بَدْرة ممتلئة يقال استكفيته الأمر فكفاني وكفاك هذا الأمر أي حسبك والفرق بين الاكتفاء والاستغناء أن الاكتفاء هو الاقتصار على ما ينفي الحاجة والاستغناء الاتساع فيما ينفي الحاجة والإمداد هو اعطاء الشيء حالاً بعد حال والمدّ في السير هو الاستمرار عليه وامتدّ بهم السير إذا طال واستمر وأَمددتُ الجيش بمدد وأَمدَّ الجرحُ مُمّد إذا صارت فيه المِدّة ومدّ النهر إذا جرى يقال مد النهر ومدّة نهر ويقال مدّه في الشر وأَمدّه في الخير وأصل الفور فور القِدر فهو غليانها عند شدة الحمى ومنه فورة الغضب لأنه كفور القِدر ومنه فارت العين بالماء إذا جاشت به ومنه الفوّارة لأنها تفور بالماء كما تفور القدر بما فيها ومنه جاء على الفور أي على ابتداء الحمى قبل أن تبرد عنه نفسه وقيل الفور القصد إلى الشيء بحدة. الإعراب: وأنتم أذلة في موضع نصب على الحال وأن يمدكم ربكم في موضع رفع بأنه فاعل ألن يكفيكم إمدادكم وقولـه من فورهم هذا في موضع جرّ صفة لفورهم وقولـه ولتطمئن قلوبكم به معطوف على قولـه بشرى لكم لأن تقديره لتبشروا به ولتطمئن. المعنى: ثم بيَّن الله تعالى ما فعلـه بهم من النصر يوم بدر فقال { ولقد نصركم الله } أيها المؤمنون { ببدر } بتقوية قلوبكم وبما أمدكم به من الملائكة وبإلقاء الرعب في قلوب أعدائكم { وأنتم أذلة } أي ضعفاء عن المقاومة قليلوا العدد قليلوا العدة جمع ذليل وروي عن ابن عباس أنه قال: كان المهاجرون يوم بدر سبعة وسبعين رجلاً والأنصار مائتين وستة وثلاثين رجلاً والجميع ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً وكان المشركون نحواً من ألف رجل وروي عن بعض الصادقين أنه قرأ وأنتم ضعفاء وقال لا يجوز وصفهم بأنهم أذلة وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صاحب راية رسول الله يوم بدر أمير المؤمنين على بن أبي طالب ع وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة وقيل: سعد بن معاذ.

السابقالتالي
2 3