الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

اللغة: الدأب العادة يقال دأَب يدأَب دَأْباً ودَأَباً إذا اعتاد الشيء وتَمَرَّن عليه والدأب الاجتهاد يقال دأب في كذا دأباً ودؤوباً إذا اجتهد فيه وبالغ ونقل من هذا إلى العادة لأنه بالغ فيه حتى صار عادة لـه قال زهير:
لأرتَحِلَنْ بِالْفَجْرِ ثُمَّ لأَدْئَبَنْ   إلَى الْلَّيْلِ إلا أَنْ يُعَرِّجَنِي طِفْلُ
والذنب والجرم واحد يقال أذنب فهو مذنب والذنب تلو الشيء يقال ذنبه يَذْنِبُه إذا تلاه والذَنوب الدلو لأنها تاليه للحبل في الجذب والذَنوب النصيب لأنه كالدلو في الانعام والذَنوب الفرس الوافر شعر الذنب وأصل الباب التلو فالذنب الجرم لما يتلوه من استحقاق الذم كما أن العقاب سمي بذلك لأنه يستحق عقيب الذنب. الإعراب: الكاف في قولـه كدأب متعلق بمحذوف وتقديره عادتهم كعادة آل فرعون فيكون الكاف في موضع رفع بأنها خبر مبتدأ ولا يجوز أن يعمل فيها كفروا لأن صلة الذين قد انقطعت بالخبر ولكن جاز أن يكون في موضع نصب بوقود النار لأن فيه معنى الفعل على تقدير تتقّد النار بأجسامهم كما تتقد بأجسام آل فرعون كذبوا جملة في موضع الحال والعامل فيه المعنى في دأب آل فرعون وقد مقدرة معه. المعنى: عادة هؤلاء الكفار في التكذيب بك وبما أنزل إليك { كدأب آل فرعون } أي كعادة آل فرعون في التكذيب برسولـهم وما أنزل إليه عن ابن عباس وعكرمة ومجاهد والضحاك والسدي وقيل معناه اجتهاد هؤلاء الكفار في قهرك وإبطال أمرك كاجتهاد آل فرعون في قهر موسى عن الأصم والزجاج وقيل كعادة الله في آل فرعون في إنزال العذاب بهم بما سلف من إجرامهم وقيل كسنة آل فرعون عن الربيع والكسائي وأبي عبيدة وقيل كامر آل فرعون وشأنهم عن الأخفش وقيل كحال آل فرعون عن قطرب { والذين من قبلـهم } يعني كفار الأمم الماضية { كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم } أي عاقبهم الله بذنوبهم وسمى المعاقبة مؤاخذة لأنها أخذ بالذنب فالأخذ بالذنب عقوبة { والله شديد العقاب } لمن يعاقبه.