الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ } * { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ }

المعنى: { تلك آيات الله } أي تلك التي قد جرى ذكرها حجج الله وعلاماته وبيّناته { نتلوها عليك بالحق } نقرأها عليك بالحق يا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أمتك ونذكرها لك ونعرفك إياها ونقصُّها عليك { بالحق } أي بالحكمة والصواب { وما الله يريد ظلماً للعالمين } معناه لا يظلمهم بأن يحملـهم من العقاب ما لم يستحقوه أو ينقصهم من الثواب عما استحقوه وإنما يظلم من يظلم لجهلـه بقبح الظلم أو لحاجة إليه من دفع ضرر وجرّ نفع وتعالى الله عن صفة الجهل والحاجة وسائر صفات النقص علوّاً كبيراً وكيف يجوز أن يظلم أحداً وهو الذي خلقهم وأنشأهم وابتدعهم وآتاهم من النعم ما لا تسموا إليه هممهم وعرَّضهم بها لما هو أعظم منها قدراً وأجل خطراً وهو نعيم الآخرة ثمّ ذكر سبحانه وجه غناه عن الظلم فقال { ولله ما في السماوات وما في الأرض } مِلْكاً ومُلكاً وخلقاً { وإلى الله ترجع الأمور } اختلفوا في كيفية الأمل إلى الله تعالى، فقيل إن الأمور تذهب بالفناء ثم يعيدها اللـه للمجازاة، وقيل إن الله تعالى قد ملّك عباده في الدنيا أموراً وجعل لـهم تصرفاً ويزول جميع ذلك في الآخرة ويرجع إليه كلـه كما قال:لمن الملك اليوم } [غافر: 16] وفي وقوع المظهر موقع المضمر في قولـه { وإلى الله ترجع الأمور } قولان أحدهما: ليكون كل واحد من الكلامين مكتفياً بنفسه والآخر: ليكون أفخم في الذكر والموضع موضع التفخيم وليس كقول الشاعر:
لا أَرَى المَوْتَ يَسْبقُ المَوْتَ شَيْءٌ   نَغَّصَ المَوْتَ ذَا الغِنى وَالفَقيرا
لأن البيت مفتقر إلى الضمير والآية مستغنية عنه.