الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ } * { وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

القراءة: قرأ ابن كثير وقالون وأهل الكوفة غير عاصم إلا الأعمش والبرجمي وليتمتعوا ساكنة اللام والباقون وليتمتعوا بكسر اللام. الحجة: قال أبو علي: من كسر اللام وجعلها الجارة كانت متعلقة بالإشراك المعنى يشركون ليكفروا أي لا فائدة لهم في الإشراك إلا الكفر وليس يرد عليهم الشرك نفعاً إلا الكفر والتمتع بما يستمتعون به في العاجلة من غير نصيب في الآخرة ومن قرأ وليتمتعوا وأراد الأمر كان على معنى التهديد والوعيد كقوله:واستفزز من استطعت } [الإسراء: 64]واعملوا ما شئتم } [فصلت: 40] ويدل على ذلك قوله في موضع آخر:فتمتعوا فسوف تعلمون } [النحل: 55 الروم: 34] والإسكان في لام الأمر سائغ. اللغة: قال أبو عبيدة: الحيوان والحياة واحد وهما مصدران حي حياة وحيواناً والحياة عرض يصيّر الأجزاء بمنزلة الشيء الواحد حتى يصح أن يكون قادراً عالماً وخاصية الحياة الإدراك. التخطف تناول الشيء بسرعة ومنه اختطاف الطير لصيده. الإعراب: أنّى في قوله: { وأنى يؤفكون } منصوب الموضع فيجوز أن يكون حالاً من يؤفكون والتقدير منكرين يؤفكون ويجوز أن يكون مصدراً تقديره أيّ إفك يؤفكون { ويتخطف الناس من حولهم } جملة في موضع الحال. المعنى: ثم عجَّب سبحانه ورسوله والمؤمنون من إيمان المشركين بالباطل مع اعترافهم بأن الله هو الخالق الفاعل فقال: { ولئن سألتهم } أي إن سألت يا محمد هؤلاء المشركين { من خلق السماوات والأرض } أي من أنشأهما وأخرجهما من العدم إلى الوجود: { وسخَّر الشمس والقمر } أي من ذلَّلهما وسيَّرهما في دورانهما على طريقة واحدة لا تختلف { ليقولن } في جواب ذلك: { الله } الفاعل لذلك لأنهم كانوا يقولون بحدوث العالم والنشأة الأولى { فأنّى يؤفكون } أي فكيف يصرفون عن عبادته إلى عبادة حجر لا ينفع ولا يضرّ: { الله يبسط الرزق } أي يوسعه: { لمن يشاء من عباده ويقدر له } أي ويضيق ذلك على قدر ما تقتضيه المصلحة وإنما خصَّ بذكر الرزق على الهجرة لئلا يخلفهم عنها خوف العيلة { إن الله بكل شيء عليم } يعلم مصالح عباده فيرزقهم بحسبها. { ولئن سألتهم من نَّزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن } في الجواب عن ذلك: { الله } قل يا محمد عند ذلك: { الحمد لله } على كمال قدرته وتمام نعمته وعلى ما وفقنا للاعتراف بتوحيده والإخلاص في عبادته. ثم قال: { بل أكثرهم لا يعقلون } توحيد ربهم مع إقرارهم بأنه خالق الأشياء ومنزل المطر من السماء لأنهم لا يتدبرون وعن الطريق المفضي إلى الحق يعدلون فكأنهم لا يعقلون. { وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب } لأنها تزول كما يزول اللهو واللعب ويستمتع بها الإنسان مدة ثم تنصرم وتنقطع. { وإن الدار الآخرة } يعني الجنة. { لهي الحيوان } أي الحياة على الحقيقة لأنها الدائمة الباقية التي لا زوال لها ولا موت فيها وتقديره وإن الدار الآخرة لهي دار الحيوان أو ذات الحيوان لأن الحيوان مصدر كالنزوان والغليان فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه والمعنى أن حياة الدار الآخرة هي الحياة التي لا تنغيص فيها ولا تكدير { لو كانوا يعلمون } الفرق بين الحياة الفانية والحياة الباقية الدائمة أي لو علموا لرغبوا في الباقي وزهدوا في الفاني ولكنَّهم لا يعلمون.

السابقالتالي
2