الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي ٱلصَّالِحِينَ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يِقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِ وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَ لَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ ٱلْعَالَمِينَ }

الإعراب: حسناً مفعول فعل محذوف تقديره ووصينا الإنسان بأن يفعل بوالديه حسناً أي ما يحسن ما ليس لك به علم موصول وصلة في موضع نصب بأنه مفعول تشرك. النزول: قال الكلبي: نزلت الآية الأخيرة في عياش بن أبي ربيعة المخزومي وذلك أنه أسلم فخاف أهل بيته فهاجر إلى المدينة قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم فحلفت أمه أسماء بنت مخرمة بن أبي جندل التميمي أن لا تأكل ولا تشرب ولا تغسل رأسها ولا تدخل كنّا حتى يرجع إليها فلما رأى ابناها أبو جهل والحارث ابنا هشام وهما أخوا عياش لأمه جزعها ركبا في طلبه حتى أتيا المدينة فلقياه وذكرا له القصة فلم يزالا به حتى أخذ عليهما المواثيق أن لا يصرفاه عن دينه وتبعهما وقد كانت أمه صبرت ثلاثة أيام ثم أكلت وشربت فلما خرجوا من المدينة أخذاه وأوثقاه كثافاً وجلده كل واحد منهما مائة جلدة حتى برىء من دين محمد صلى الله عليه وسلم جزعاً من الضرب وقال ما لا ينبغي فنزلت الآية. وكان الحارث أشدهما عليه فحلف عياش لئن قدر عليه خارجاً من الحرم ليضربن عنقه فلما رجعوا إلى مكة مكثوا حيناً ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون إلى المدينة وهاجر عياش وحسن إسلامه وأسلم الحارث بن هشام وهاجر إلى المدينة وبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام ولم يحضر عياش فلقيه عياش يوماً بظهر قباء ولم يشعر بإسلامه فضرب عنقه فقيل له: إن الرجل قد أسلم فاسترجع عياش وبكى ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فنزلوما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً } [النساء: 92] الآية. وقيل: نزلت الآية في ناس من المنافقين يقولون آمنا فإذا أُوذوا رجعوا إلى الشرك عن الضحاك. وقيل: نزلت في قوم ردَّهم المشركون إلى مكة عن قتادة. المعنى: لما رغَّب سبحانه في تحقيق الرجاء والخوف بفعل الطاعة عقَّبه بالترغيب في المجاهدة فقال { ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه } أي ومن جاهد الشيطان بدفع وسوسته وإغوائه وجاهد أعداء الدين لإحيائه وجاهد نفسه التي هي أعدى أعدائه فإنما يجاهد لنفسه لأن ثواب ذلك عائد عليه وواصل إليه دون الله تعالى { إن الله لغني عن العالمين } غير محتاج إلى طاعتهم فلا يأمرهم ولا ينهاهم لمنفعة ترجع إليه بل لمنفعتهم. { والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم } التي اقترفوها قبل ذلك أي لنطلبنها حتى تصير كأنهم لم يعملوها { ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون } أي يجزيهم بأحسن أعمالهم وهو ما أمروا به من العبادات والطاعات والمعنى لنكفرن سيئاتهم السابقة منهم في حال الكفر ولنجزينهم بحسناتهم التي عملوها في الإسلام.

السابقالتالي
2