الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَٱعْبُدُونِ } * { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } * { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } * { وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا ٱللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

القراءة: قرأ يرجعون بالياء يحيى عن أبي بكر وهشام والباقون بالتاء وقرأ أهل الكوفة غير عاصم لنثوينهم بالثاء والباقون لنبوئنهم بالباء. الحجة: قال أبو علي: أما يرجعون بالياء فلأن الذي قبله على لفظ الغيبة وترجعون على أنه انتقل من الغيبة إلى الخطاب مثل إياك نعبد بعد قوله { الحمد لله } وحجة من قرأ لنبوئنهم بالباء قولهولقد بوأنا بني إسرائيل مبوء صدق } [يونس: 93]وإذ بوأنا لإِبراهيم مكان البيت } [الحج: 26] وتكون اللام هنا زائدة كزيادتها في قولهردف لكم } [النحل:72] ويجوز أن يكون بوأنا لدعاء إبراهيم ع ويكون المفعول محذوفاً أي بوأنا لدعائه ناساً مكان البيت ومن قرأ لنثوينهم فحجته قولهوما كنت ثاوياً في أهل مدين } [القصص: 45] أي مقيماً نازلاً فيهم قال الأعشى:
أثـْـوى وَقَصَّــرَ لَيْـــلَةً لِيُــــزَوّدا   وَمَضَى وَأَخْلَفَ مِنْ قُتَيْلَةَ مَوْعِدا
وقال حسان:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة   
أي أقام فيهم فإذا تعدّى بحرف جرّ فزيدت عليه الهمزة وجب أن يتعدّى إلى المفعول الثاني بحرف جرّ وليس في الآية حرف جر. قال أبو الحسن: قرأ الأعمش لنثوينهم من الجنة غرفاً ولا يعجبني لأنك لا تقول أثويته الدار. قال أبو علي: ووجهه أنه كان في الأصل لنثوينهم من الجنة في غرف كما يقول لننزلنهم من الجنة في غرف وحذف الجار كما حذف من قولك:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به   
ويقوي ذلك أن الغرف وإن كانت أماكن مختصة فقد أجريت المختصة من هذه الحروف مجرى غير المختص نحو قوله:
كَما عَسَلَ الطَّرِيقِ الثَّعْلَبُ   
ونحو ذهبت الشام عند سيبويه. الإعراب: { خالدين } نصب على الحال من الهاء والميم. { الذين صبروا } في موضع جر صفة للعالمين ويكون المخصوص بالمدح محذوفاً أي نعم أجر العاملين الصابرين المتوكلين أجرهم ويجوز أن يكون المضاف محذوفاً أي نعم أجر العاملين أجر الذين صبروا فحذف المخصوص بالمدح وأقام المضاف إليه مقامه. وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله. موضع كأين مرفوع. ومن دابة في موضع التبيين له. وقوله: { لا تحمل رزقها } صفة للمجرور ويكون قوله { الله } مبتدأ ويرزقها خبره والجملة خبر كأين. النزول: قيل نزلت الآية الأولى في المستضعفين من المؤمنين بمكة أمروا بالهجرة عنها عن مقاتل والكلبي ونزل قوله: { وكأين من دابة لا تحمل رزقها } في جماعة كانوا بمكة يؤذيهم المشركون فأمروا بالهجرة إلى المدينة فقالوا: كيف نخرج إليها وليس لنا بها دار ولا عقار ومن يطعمنا ومن يسقينا؟ المعنى: ثم بيَّن سبحانه أنه لا عذر لعباده في ترك طاعته فقال: { يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة } يبعد أقطارها فاهربوا من أرض يمنعكم أهلها من الإيمان والإخلاص في عبادتي وقال أبو عبد الله ع: معناه إذا عصي الله في أرض أنت فيها فاخرج منها إلى غيرها.

السابقالتالي
2