الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُجَادِلُوۤاْ أَهْلَ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ وَقُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـٰهُنَا وَإِلَـٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } * { وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ فَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَـٰؤُلاۤءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلْكَافِرونَ } * { وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ ٱلْمُبْطِلُونَ } * { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلظَّالِمُونَ } * { وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }

القراءة: قرأ ابن كثير وأهل الكوفة غير حفص وقتيبة آية من ربه على التوحيد والباقون آيات على الجمع. الحجة: قال أبو علي: حجة الإفراد قوله { فليأتنا بآية } { وقالوا لولا أنزل عليه آية من ربه } { قل إن الله قادر على أن ينّزل آية } وحجة الجمع أن في حرف أبي زعموا لولا يأتينا بآيات من ربه { قل إنما الآيات عند الله } وقد تقع آية على لفظ الواحد ويراد به كثرة كما جاءوجعلنا ابن مريم وأمه آية } [المؤمنون: 50] وليس في قوله { قل إنما الآيات عند الله } دلالة على ترجيح من قرأ آيات لأنه لما اقترحوا آية قيل إنما الآيات عند الله والمعنى الآية التي اقترحتموها وآيات أخر لم تقترحوها. اللغة: أصل الجدل شدة الفتل. يقال: جدلته أجدله جدلاً إذا فتلته فتلاً شديداً والجدال فتل الخصم عن مذهبه بطريق الحجاج فيه. وقيل: إن أصله من الجدالة وهي الأرض فإن كل واحد من الخصمين يروم أن يلقي صاحبه بالجدالة. الخط معروف والارتياب والريبة شك مع تهمة. الإعراب: الذين ظلموا منهم في محل النصب على الاستثناء من أهل الكتاب { وكذلك أنزلنا إليك الكتاب } تقديره وكما أنزلنا إلى أهل الكتاب الكتاب أنزلنا إليك الكتاب. { إذاً لارتاب المبطلون } اللام للقسم وفي الكلام حذف تقديره ولو خططته بيمينك أو تلوت قبله كتاباً إذا والله لارتابوا به. من ربه في موضع رفع بأنه صفة آية. المعنى: لمّا تقدَّم الأمر بالدعاء إلى الله سبحانه بين عقيبه كيف يدعونهم وكيف يجادلونهم فقال { ولا تجادلوا أهل الكتاب } وهم نصارى بني نجران. وقيل: اليهود والنصارى { إلا بالتي هي أحسن } أي بالطريق التي هي أحسن وإنما يكون أحسن إذا كانت المناظرة برفق ولين لإِرادة الخير والنفع بها ومثله قولهفقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى } [طه: 44] والأحسن الأعلى في الحسن من جهة قبول العقل له وقد يكون أيضاً أعلى في الحسن من جهة قبول الطبع وقد يكون في الأمرين جميعاً وفي هذا دلالة على وجوب الدعاء إلى الله تعالى على أحسن الوجوه وألطفها واستعمال القول الجميل في التنبيه على آيات الله وحججه. { إلا الذين ظلموا منهم } أي إلا من أبى أن يقرَّ بالجزية منهم ونصب الحرب فجادلوا هؤلاء بالسيف حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن مجاهد وسعيد بن جبير. وقيل: { إلا الذين ظلموا منهم } بالعناد وكتمان صفة نبينا صلى الله عليه وسلم بعد العلم به عن أبي مسلم. وقيل: { إلا الذين ظلموا منهم } بالإِقامة على الكفر بعد قيام الحجة عن ابن زيد والأولى أن يكون معناه إلا الذين ظلموك في جدالهم أو في غيره مما يقتضي الإغلاظ لهم فيجوز أن يسلكوا معهم طريقة الغلظة.

السابقالتالي
2 3