الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ } * { أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } * { وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَاذِبِينَ } * { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } * { مَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ ٱللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لآتٍ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

القراءة: قرأ علي ع فليُعْلِمن الذين صدقوا وليُعْلِمن الكاذبين بضم الياء وكسر اللام فيهما وهو المروي عن جعفر بن محمد ومحمد بن عبد الله بن الحسن ووافقهم الزهري في وليعلمن الكاذبين وقرأ أيضاً وليعلمن المنافقين. الحجة: معناه ليعرفن الناس من هم فحذف المفعول الأول كما قال سبحانهيوم ندعو كل أناس بإمامهم } [الإسراء: 71] وقاليعرف المجرمون بسيماهم } [الرحمن: 41] وقالونحشر المجرمين يومئذ زرقاً } [طه: 102] ويجوز أن يكون من قولهم ثوب معلم وفارس معلم بالكسر إذا أعلم نفسه في الحرب فيكون معناه وليشهرن فيرجع إلى المعنى الأول لأنه على تقدير حذف المفعول ويجوز أن يكون على حذف المفعول الثاني أي وليعلمن الصادقين ثواب صدقهم والكاذبين عقاب كذبهم. الإعراب: قال الزجاج: موضع أنْ الأولى نصب باسم حسب وخبره وموضع أنْ الثانية نصب من جهتين أجودهما أن تكون منصوبة بيتركوا فيكون المعنى { أحسب الناس أن يتركوا } لأن يقولوا أو بأن يقولوا فلما حذف حرف الخفض وصل يتركوا إلى أن فنصب ويجوز أن تكون أن الثانية العامل فيها حسب أي حسب الناس أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون. قال أبو علي: أما ما ذكره من أنه نصب بيتركوا فإنه بين السقوط لأن ترك فعل يتعدى إلى مفعول واحد فإذا بني للمفعول لم يتعد إلى آخر فإن يقولوا لا يتعلق به ولا يتعدى إليه حتى يقدَّر حرف ثم يقدر الحذف فيصل الفعل وأما ما ذكره من انتصابه فلا يخلو إذا قدر انتصابه به من أن يكون مفعولاً أولاً أو ثانياً أو صفة أو بدلاً فلا يكون مفعولاً أولاً لتعديه إلى المفعول الذي قبله وهو الترك ولا يجوز أن يكون مفعولاً ثانياً من وجهين: أحدهما: أن باب ظننت وأخواته إذا تعدى إلى هذا الضرب من المفعول لم يتعدّ إلى مفعول ثان ظاهر في اللفظ. والآخر: أن المفعول الثاني هو الأول في المعنى وليس القول الترك ولا يكون أيضاً بدلاً لأنه ليس الأول ولا بعضه مشتملاً عليه ولا يكون أيضاً صفة لأن أن الثانية لحسب وعمله فيها لا يخلو مما ذكرناه فإذا لم يستقم حمله على شيء مما ذكرناه تبينت موضع إغفاله في المسألة. وأقول وبالله التوفيق إن البدل هنا صحيح فإنه إذا قال: أحسبوا أن يقولوا آمنا { وهم لا يفتنون } وقوله وهم لا يفتنون جملة في موضع الحال فكأنه قال: أحسبوا أن يدعوا الإيمان غير مختبرين ممتحنين بمشاق التكليف فيكون التقدير في معنى الآية أحسبوا أن يتركوا أحسبوا أن يهملوا ولا شك أن الإهمال في معنى الترك فيكون الثاني في معنى الأول بعينه وأما الوجه الأول فإنك لو قدرت اللام فقلت: لأن يقولوا أو الباء فقلت: بأن يقولوا فلا شك أن الحرف يتعلق بيتركوا فإن الجار والمجرور في موضع نصب به فتساهل الزجاج في العبارة عن المجرور بأنه منصوب وقوله { ساء ما يحكمون } ما هذه يحتمل وجهين.

السابقالتالي
2 3