الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ قَالُوۤاْ إِنَّا مُهْلِكُوۤ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ } * { قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } * { وَلَمَّآ أَن جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرينَ } * { إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم ويعقوب { لَنُنْجِينَّه } خفيفة الجيم ساكنة النون والباقون { لَنُنَجِّيَنَّه } بالتشديد وقرأ ابن كثير وأهل الكوفة غير حفص ويعقوب إنا مُنْجُوك بالتخفيف والباقون بالتشديد وقرأ ابن عامر مُنَزِلّون بالتشديد والباقون مُنْزِلُون بالتخفيف. الحجة: قال أبو علي: حجة من قرأ لَنُنْجِينَّه وإنا مُنْجُوك قولهفأنجاه الله من النار } [العنكبوت: 24] وحجة من ثقل قولهونجَّينا الذين آمنوا } [فصلت: 18] يقال نجا زيد ونجيته وأنجيته مثل فرحته وأفرحته وكذلك قولك نزل إذا عدَّيته قلت نزَّلته وأنزلته. والمعنى: ثم بيَّن سبحانه أنه استجاب دعاء لوط وبعث جبرائيل ومعه الملائكة لتعذيب قومه بقوله { ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى } أي يبشرونه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب { قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية } يعنون قرية قوم لوط ع وإنما قالوا: هذا لأن قريتهم كانت قريبة من قرية قوم إبراهيم { إن أهلها كانوا ظالمين } أي مشركين مرتكبين للفواحش. { قال } إبراهيم { إن فيها لوطاً } فكيف تهلكونها { قالوا } في جوابه { نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله } أي لنخلصنَّ لوطاً من العذاب بإخراجه منها ولنخلصن أيضاً أهله المؤمنين منهم { إلا امرأته } فإنها تبقى في العذاب لا تنجو منه وذلك قوله { كانت من الغابرين } أي من الباقين في العذاب. { ولما أن جاءت رسلنا لوطاً } أنْ هذه مزيدة { سيء بهم } معناه سيء لوط بالملائكة أي ساءه مجيئهم لما رآهم في أحسن صورة لما كان يعلمه من خبث فعل قومه عن قتادة. وقيل: معناه سيء بقومه لما علم من عظيم البلاء النازل بهم { وضاق بهم ذرعاً } أي ضاق قلبه. وقيل: ضاقت حيلته فيما أراد من حفظهم وصيانتهم عن الجبائي فلما رأى الملائكة حزنه وضيق صدره { قالوا لا تخف } علينا وعليك { ولا تحزن } بما نفعله بقومك. وقيل: لا تخف ولا تحزن علينا فإنا رسل الله لا يقدرون علينا { إنا منجوك وأهلك } من العذاب { إلا امرأتك } الكافرة { كانت من الغابرين } أي الباقين في العذاب. { إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً } أي عذاباً من السماء { بما كانوا يفسقون } أي يخرجون من طاعة الله إلى معصيتهِ أي جزاء بفسقهم { ولقد تركنا منها أية بينة } أي تركنا من تلك القرية عبرة واضحة ودلالة على قدرتنا. قال قتادة: هي الحجارة التي أمطرت عليهم. وقال ابن عباس: هي آثار منازلهم الخربة وقال مجاهد هي الماء الأسود على وجه الأرض { لقوم يعقلون } ذلك ويبصرونه ويتفكرون فيه ويتّعظون به فيزجرهم ذلك عن الكفر بالله واتخاذ شريك معه في العبادة.