الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } * { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ }

القراءة: قرأ ابن كثير وأهل البصرة والكسائي مودة بينكم بالرفع والإضافة وقرأ حمزة وحفص بنصب مودة وإضافتها إلى بينكم وقرأ الباقون مودة منصوبة منونة بينكم بالنصب إلا الشموني والبرجمي فإنهما قرءا مودة مرفوعة منونة بينكم بالنصب. الحجة: قال أبو علي: يجوز في قول من قال مودّةُ بينكم أن يجعل ما اسم إنَّ ويضمر ذكراً يعود إلى ما كما جاء في قولهواتخذتموه وراءكم ظهرياً } [هود: 92] فيكون التقدير إن الذين اتخذتموهم أوثاناً ذوو مودة بينكم ويكون دخول إن على ما لأنه بمنزلة الذي كقولهأيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين } [المؤمنون: 55] لعود الذكر إليه ويجوز أن يضمر هو ويجعل مودة بينكم خبراً عنه والجملة في موضع خبر إن ومن قرأ مودّةَ بينكم بالنصب جعل ما مع إنّ كلمة ولم يعد إليها ذكراً كما أعاد في الوجه الأول وجعل الأوثان منتصباً باتخذتم وعدّاه أبو عمرو إلى مفعول واحد كقولهقل اتخذتم عند الله عهداً } [البقرة: 80] والمعنى إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً آلهة فحذف كما أن قولهإن الذين اتخذوا العجل } [الأعراف: 152] معناه اتخذوا العجل إلهاً فحذف وانتصب مودة على أنه مفعول له وبينكم نصب على الظرف والعامل فيه المودة ومن قال: { مودة بينكم } أضاف المودة إلى البين واتسع بأن جعل الظرف اسماً لما أضاف إليه ومثل ذلك قراءة من قرأ لقد تقطع بينكم ومن قرأ { مودة بينكم في الحياة الدنيا } جاز في قوله بينكم إذا نوّن مودة ضربان: أحدهما: أن يجعله ظرفاً متعلقاً بالمصدر لأن الظرفين أحدهما من المكان والآخر من الزمان وإنما الذي يمتنع أن يعلق به إذا كانا ظرفين من الزمان أو ظرفين من المكان { فأما } إن اختلفا فسائغ فقوله { في الحياة الدنيا } ظرف زمان لأن المعنى في وقت الحياة الدنيا ولا ذكر في واحد من الظرفين كما إنك إذا قلت لقيت زيداً اليوم في السوق كان كذلك فإن جعلت الظرف الأول صفة للنكرة كان متعلقاً بمحذوف وصار فيه ذكر يعود إلى الموصوف فإذا جعلته صفة للمصدر جاز أن يكون قوله { في الحياة الدنيا } في موضع حال والعامل فيه الظرف الذي هو صفة للنكرة وفيه ذكر يعود إلى ذي الحال وذو الحال الضمير الذي في الظرف العائد إلى الموصوف الذي هو مودة وهو هي في المعنى فإن قلت: هل يجوز أن يتعلق الظرف الذي قد جاز أن يكون حالاً بالمودة مع أنه قد وصف بقوله { بينكم }. قيل: لا يمتنع ذلك لأنك إذا وصفته فمعنى الفعل قائم فيه والظرف يتعلق بمعنى الفعل وإنما الذي يمتنع أن يعمل فيه إذا وصف المفعول به فأما الحال والظرف فلا يمتنع أن يتعلق كل واحد منهما به وإن كان قد وصف به وقد جاء في الشعر ما يعمل عمل الفعل إذا وصف عاملاً في المفعول به وإذا جاز أن يعمل في المفعول به فلا نظر في جواز عمله فيما ذكرناه من الظرف والحال فمن ذلك قوله:

السابقالتالي
2 3