الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ } * { وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم وحزناً بضم الحاء وسكون الزاي والباقون حزناً بفتحها وفي الشواذ قراءة الحسن وفضالة بن عبد الله فؤاد أم موسى فزعاً وقراءة ابن عباس قراعاً بالقاف والراء وحكى قطرب عن بعضهم فَرْغا. الحجة: الحَزَنْ والحُزْنِ لغتان مثل البَخَل والبُخْل والعَرَب والعُرْب والعَجَم والعُجْم وأما قوله فزعاً بالفاء والزاي فمعناه قلفاً يكاد يخرج من غلافه وأما قرعاً فمعناه يرجع إلى معنى فارغ لأن رأس الأقرع يكون خالياً من الشعر وأما فَرْغاً فمعناه هدراً وباطلاً قال:
فَإنْ تَكُ أذْوادٌ أُصِبْنَ وَنِسْوَةٌ   فَلَـنْ يَذْهَبُوا فَرْغاً بِقَتْلِ حِبالِ
وقوله فارغاً معناه خالياً من الحزن لعلمها أنه لا يغرق. الإِعراب: مفعول خفت محذوف تقديره خفت عليه أحداء قرة عين لي ولك خبر مبتدأ محذوف أي هو قرة عين. قال الزجاج: ويجوز على بعد أن يكون قرة عين مبتدأ ويكون خبره لا تقتلوه وهم لا يشعرون في موضع نصب على الحال والعامل فيه يدل على هذه القصة وتقديره قالوا ما قالوه غير شاعرين. المعنى: ثم بيَّن سبحانه كيف دبَّر في إهلاك فرعون وقومه منبِّهاً بذلك على كمال قدرته وحكمته فقال { وأوحينا إلى أم موسى } أي ألهمناها وقذفنا في قلبها وليس بوحي نبوة عن قتادة وغيره. وقيل: أتاها جبرائيل ع بذلك عن مقاتل. وقيل: كان هذا الوحي رؤيا منام عبَّر عنها من يثق به من علماء بني إسرائيل عن الجبائي { أن أرضعيه } ما لم تخافي عليه الطلب { فإذا خفت عليه } في القتل الذي أمر به فرعون في أبناء بني إسرائيل { فألقيه في اليم } أي في البحر وهو النيل { ولا تخافي } عليه الضيعة { ولا تحزني } من فراقه { إنا رادُّوه إليك } سالماً عن قريب { وجاعلوه من المرسلين } والأنبياء. وفي هذه الآية أمران ونهيان وخبران وبشارتان وحكي أن بعضهم سمع بدوية تنشد أبياتاً فقال لها ما أفصحك فقالت الفصاحة لله تعالى وذكرت هذه الآية وما فيها. قال وهب بن منبه: لما حملت أم موسى بموسى كتمت أمرها عن جميع الناس فلم يطلع على حملها أحد من خلق الله وذلك شيء ستره الله تعالى لما أراد أن يمنَّ به على بني إسرائيل فلما كانت السنة التي يولد فيها موسى بعث فرعون القوابل وتقدم إليهن أن يفتشن النساء تفتيشاً لم يفتشنه قبل ذلك رحلت أم موسى فلم ينبتُ بطنها ولم يتغير لونها ولم يظهر لبنها فكانت القوابل لا يعرضن لها فلما كانت الليلة التي ولد فيها موسى ولدته ولا رقيب عليها ولا قابلة ولم يطلع عليها أحد إلا أخته مريم فأوحى الله تعالى إليها أن أرضعيه الآية. قال فكتمته أمه ثلاثة أشهر ترضعه في حجرها لا يبكي ولا يتحرّك فلما خافت عليه عملت له تابوتاً مطبقاً ومهدت له فيه ثم ألقته في البحر ليلاً كما أمرها الله تعالى.

السابقالتالي
2 3