الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } * { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ } * { وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ ٱللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

النزول: قيل لمّا نزل النبي صلى الله عليه وسلم بالجحفة في مسيرة إلى المدينة لما هاجر إليها اشتاق إلى مكة فأتاه جبرائيل ع فقال أتشتاق إلى بلدك ومولدك فقال نعم. قال جبرائيل: فإن الله يقول إن الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد يعني مكة ظاهراً عليها فنزلت الآية بالجحفة وليست بمكية ولا مدنية وسميت مكة معاداً لعوده إليها عن ابن عباس. المعنى: { تلك الدار الآخرة } يعني الجنة { نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض } أي تجبّراً وتكبّراً على عباد الله واستكباراً عن عبادة الله { ولا فساداً } أي عملاً بالمعاصي عن ابن جريج ومقاتل وروى زاذان عن أمير المؤمنين ع أنه كان يمشي في الأسواق وحده وهو دالٌ يرشد الضال ويعين الضعيف ويمرّ بالبياع والبقال فيفتح عليه القرآن ويقرأ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً ويقول نزلت هذه الآية في أهل العدل والمواضع من الولاة وأهل القدرة من سائر الناس. وروى أبو سلام الأعرج عن أمير المؤمنين ع أيضاً قال إن الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية تلك الدار الآخرة الآية يعني إن من تكبر على غيره بلباس يعجبه فهو ممن يريد علواً في الأرض. قال الكلبي: يعني بقوله فساداً الدعاء إلى عبادة غير الله. وقال عكرمة: هو أخذ المال بغير حق. { والعاقبة للمتقين } أي والعاقبة الجميلة المحمودة من الفوز بالثواب للذين اتقوا الشرك والمعاصي. وقيل: معناه الجنة لمن اتّقى عقاب الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه. { من جاء بالحسنة فله خير منها } مضى تفسيره { ومن جاء بالسيئة فلا يجزي الذين عملوا السيئات إلاّ ما كانوا يعملون } أي لا يزاد في عقابهم على قدر استحقاقهم بخلاف الزيادة في الفضل على الثواب المستحق فإنه يكون تفضلاً فهو مثل قولهومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها } [الأنعام: 160] { إن الذي فرض عليك القرآن } خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمعنى إن الذي أوجب عليك الامتثال بما تضمنَّه القرآن وأنزله عليك { لرادّك إلى معاد } أي يردّك إلى مكة عن ابن عباس ومجاهد والجبائي وعلى هذا فيكون في الآية دلالة على صحة النبوة لأنه أخبر به من غير شرط ولا استثناء وجاء المخبر مطابقاً للخبر. قال القتيبي: معاد الرجل بلده لأنه يتصرف في البلاد ثم يعود إليه. وقيل: إلى معاد إلى الموت عن ابن عباس في رواية أخرى وعن أبي سعيد الخدري. وقيل: إلى المرجع يومة القيامة أي يعيدك بعد الموت كما بدأك عن الحسن والزهري وعكرمة وأبي مسلم. وقيل: إلى الجنة عن مجاهد وأبي صالح فالمعنى أنه مميتك وباعثك ومدخلك الجنة والظاهر يقتضي أنه العود إلى مكة لأن ظاهر العود يقتضي ابتداء ثم عوداً إليه على إنه يجوز أن يقال الجنة معاد وإن لم يتقدم له فيها كون كما قال سبحانه في الكفار

السابقالتالي
2 3