الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } * { وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدْرَؤُنَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَاهِلِينَ }

اللغة: أصل التوصيل من وصل الحبال بعضها ببعض. قال امرؤ القيس:
دَرِيرٍ كَخُذْرُوفِ الْوَلِيدِ أمَرَّهُ   تَتابُــعُ كَفَّيْــهِ بِخَيْــطٍ مُوَصَّلِ
أي موصول بعضه ببعض وهو في الكلام أن يصير بعضه يلي بعضاً والدرء الدفع. النزول: نزل قوله { الذين آتيناهم الكتاب } وما بعده في عبد الله بن سلام وتميم الداري والجارود العبدي وسليمان الفارسي فأنهم لما أسلموا نزلت فيهم الآيات عن قتادة. وقيل: نزلت في أربعين رجلاً من أهل الإنجيل كانوا مسلمين بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه اثنان وثلاثون من الحبشة أقبلوا مع جعفر بن أبي طالب ع وقت قدومه وثمانية قدموا من الشام منهم بحيرا وأبرهة والأشرف وعامر وأيمن وأدريس ونافع وتميم. المعنى: ثم بيَّن سبحانه صفة القرآن فقال { ولقد وصلنا لهم القول } أي فصَّلنا لهم القول وبيَّنا عن ابن عباس ومعناه أتينا بآية بعد آية وبيان بعد بيان وأخبرناهم بأخبار الأنبياء والمهلكين من أممهم { لعلهم يتذكرون } أي ليتذكروا ويتفكروا فيعلموا الحق ويتعَّظموا. { الذين آتيناهم الكتاب من قبله } أي من قبل محمد صلى الله عليه وسلم { هم به } أي بمحمد صلى الله عليه وسلم { يؤمنون } لأنهم وجدوا نعته في التوراة. وقيل: معناه من قبل القرآن وهم بالقرآن يصدّقون والمراد بالكتاب التوراة والإنجيل يعني الذين أوتوا الكتاب. { وإذا يتلى } القرآن { عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله } أي من قبل نزوله { مسلمين } به وذلك أن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن كان مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل فهؤلاء لم يعاندوا. ثم أثنى الله سبحانه عليهم فقال { أُولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا } مرَّة بتمسّكهم بدينهم حتى أدركوا محمداً صلى الله عليه وسلم فآمنوا به ومرة بإيمانهم به. وقيل: بما صبروا على الكتاب الأول وعلى الكتاب الثاني وإيمانهم بما فيهما عن قتادة. وقيل: بما صبروا على دينهم وعلى أذى الكفار وتحمل المشاق { ويدرؤون بالحسنة السيئة } أي يدفعون بالحسن من الكلام الكلام القبيح الذي يسمعونه من الكفار. وقيل: يدفعون بالمعروف المنكر عن سعيد بن جبير. وقيل: يدفعون بالحلم جهل الجاهل عن يحيى بن سلام ومعناه يدفعون بالمداراة مع الناس أذاهم عن أنفسهم وروي مثل ذلك عن أبي عبد الله ع { ومما رزقناهم ينفقون } مرّ معناه. { وإذا سمعوا اللغو } أي السفه من الناس والقبيح من القول والهزء الذي لا فائدة فيه { أعرضوا عنه } ولم يقابلوه بمثله { وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم } أي لا نسأل نحن عن أعمالكم ولا تسألون عن أعمالنا بل كل منا يجازي على عمله. وقيل: معناه لنا ديننا ولكم دينكم. وقيل: لنا حلمنا ولكم سفهكم { سلام عليكم } أي أمان منا لكم أن نقابل لغوكم بمثله. وقيل: هي كلمة حلم واحتمال بين المؤمنين والكافرين. وقيل: هي كلمة تحية بين المؤمنين عن الحسن { لا نبتغي الجاهلين } أي لا نطلب مجالستهم ومعاونتهم وإنما نبتغي الحكماء والعلماء. وقيل: معناه لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه عن مقاتل. وقيل: لا نبتغي دين الجاهلين ولا نحبّه عن الكلبي.