الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ } * { وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } * { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلاۤ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } * { قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة سحران بغير ألف والباقون ساحران بالألف. الحجة: قال أبو علي: حجة من قرأ ساحران أنه قال تظاهرا والمظاهرة المعاونة وفي التنزيل وإن تظاهرا عليه والمعاونة في الحقيقة إنما تكون للساحرين لا للسِحْرين والوجه في قوله { سحران } أنه نسب المعاونة إلى السحرين على وجه الإتساع كأن كل منهما يقوّي الآخر. الإعراب: قال الزجاج: قوله { بصائر } حال أي آتيناه الكتاب مبيناً وأقول فيه أنه بدل من الكتاب فإن المعرفة يجوز أن تبدل منها النكرة والبصائر في معنى الحجج فلا يصحّ معنى الحال فيها إذا كان اسماً محضاً لا شائبة فيه للفعل وقوله { إذا قضينا } ظرف للمحذوف الذي يتعلق به الباء في قوله { بجانب الغربي } وتتلو جملة منصوبة الموضع على الحال ولكن رحمة رحمة منصوبة مفعول لها تقديره ولكنا أوحينا إليك رحمة أي للرحمة كما تقول فعلت ذلك ابتغاء الخير { لولا أن تصيبهم مصيبة } لولا هذه هي التي معناها امتناع الشيء لوجود غيره وأن تصيبهم مبتدأ وجواب لولا محذوف وتقديره لم يحتج إلى إرسال الرسل ولولا الثانية في قوله { ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً } هي التي معناه التخصيص بمعنى هلا بغير هدى الجار والمجرور في موضع نصب على الحال. المعنى: ثم ذكر سبحانه من أخبار موسى ع ما فيه دلالة على معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم فقال { ولقد آتينا موسى الكتاب } يعني التوراة { من بعد ما أهلكنا القرون الأولى } أي الجموع التي كانت قبله من الكفار مثل قوم نوح وعاد وثمود ويجوز أن يريد بالقرون قوم فرعون لأنه سبحانه أعطاه التوراة بعد إهلاكهم بمدة { بصائر للناس } أي حججاً وبراهين للناس وعبراً يبصرون بها أمر دينهم وأدلّة يستدلّون بها في أحكام شريعتهم { وهدى } أي دلالة لمن اتبعه يهتدي بها { ورحمة } لمن آمن به { لعلهم يتذكرون } أي يتعّظون ويعتبرون وجاءت الرواية بالإسناد عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما أهلك الله قوماً ولا قرناً ولا أمة ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ أنزل التوراة على وجه الأرض غير أهل القرية التي مسخوا قردة " ألم تر أن الله تعالى قال { ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى }. { وما كنت بجانب الغربي } أي وما كنت يا محمد حاضراً بجانب الجبل الغربي أي في الجانب الغربي من الجبل الذي كلَّم الله فيه موسى عن قتادة والسدي. وقيل: بجانب الوادي الغربي عن ابن عباس والكلبي { إذ قضينا إلى موسى الأمر } أي عهدنا إليه وأحكمنا الأمر معه بالرسالة إلى فرعون وقومه. وقيل: معناه أخبرناه بأمرنا ونهينا. وقيل: أراد كلامه معه في وصف نبينا صلى الله عليه وسلم ونبوته { وما كنت من الشاهدين } أي الحاضرين لذلك الأمر وبذلك المكان فتخبر قومك عن مشاهدة وعيان ولكنا أخبرناك به ليكون معجزة لك.

السابقالتالي
2 3