الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يٰمُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ ٱلآمِنِينَ } * { ٱسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } * { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } * { قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَالِبُونَ }

القراءة: قرأ أهل الحجاز والبصرة من الرَهَب بفتح الراء والهاء وقرأ حفص من الرَهْب بفتح الراء وسكون الهاء والباقون بضم الراء وسكون الهاء وقرأ أهل البصرة وابن كثير فذانّك بالتشديد والباقون بالتخفيف وقرأ أبو جعفر ونافع رداً بغير همزة والباقون بالهمزة وقرأ عاصم وحمزة يُصدِّقُني بالرفع والباقون يُصدِّقْني بالجزم وفي الشواذ قراءة الحسن عَضْدُك. الحجة: الرَهب والرُهْب لغتان مثل الرشد والرشد والرَهَب والرَهْب مثل الشمع والشمع والنَهْر والنَّهَر وقوله { فذانك } قد مضى القول فيه فيما تقدَّم. وقال الزجاج: التشديد تثنية ذلك والتخفيف تثنية ذاك وجعل بدل اللام في ذلك تشديد النون ومن قرأ رداً فإنه خفف الهمزة وذلك حكم الهمزة إذا خففتها وكان قبلها ساكن أن تحذف وتلقى حركتها على الساكن قبلها ومن قرأ يصدقُني بالرفع جعله صفة للنكرة وتقديره ردءاً مصدقاً ومن قرأ بالجزم كان على معنى الجزاء أي إن أرسلته يصدقني وفي عضد خمس لغات عَضُد وعَضْد وعُضُد وعُضْد وعَضِد وافصحها عَضُد مثل رجل. الإعراب: قوله إلى فرعون يتعلق بما يتعلق به مِنْ من قوله { برهانان من ربك } ويجوز أن يتعلق بمحذوف كما تقدم ذكره في قوله في تسع آيات. إلى فرعون وهارون عطف بيان. ردءاً نصب على الحال والباء في قوله بآياتنا يحتمل ثلاثة أوجه أحدها: أن يتعلق بيصلون والثاني: أن يتعلق بنجعل والثالث: أن يتعلق بقوله { الغالبون }. المعنى: ثم بيَّن سبحانه تمام قصة موسى ع فقال { وأن ألق عصاك } إنما أعاد سبحانه هذه القصة وكرَّرها في السور تقريراً للحجة على أهل الكتاب واستمالة بهم إلى الحق ومن أحبَّ شيئاً أحبَّ ذكره والقوم كانوا يدَّعون محبة موسى وكل من ادّعى اتباع سيده مال إلى من ذكره بالفضل على أن كل موضع من مواضع التكرار لا تخلو من زيادة فائدة وها هنا حذف تقديره فألقاها من يده فانقلبت بإذن الله تعالى ثعباناً عظيماً تهتز كأنها جانّ في سرعة حركتها وشدة اهتزازها. { فلما رآها تهتز } أي تتحرّك { كأنها جان ولى مدبراً } موسى { ولم يعقب } أي لم يرجع إلى ذلك الموضع فنودي { يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين } من ضررها وفي انقلاب العصا حية دلالة على أن الجواهر متماثلة وأنها من جنس واحد لأنه لا حال أبعد إلى حال الحيوان من حال الخشب وما جرى مجرى ذلك من الجماد فإذا صحَّ قلب الخشب إلى حال الحيوان صحَّ أيضاً قلب الأبيض إلى حال الأسود. { اسلك يدك في جيبك } أي أدخلها فيه { تخرج بيضاء من غير سوء } أي من غير برص { واضمم إليك جناحك من الرهب } أي ضم يدك إلى صدرك من الخوف فلا خوف عليك عن ابن عباس ومجاهد، والمعنى أن الله تعالى أمره أن يضم يده إلى صدره فيذهب ما أصابه من الخوف عند معاينة الحية.

السابقالتالي
2 3