الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَئْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ } * { قَالَ إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ } * { قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } * { فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } * { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِي ٱلأَيْمَنِ فِي ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن يٰمُوسَىٰ إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }

القراءة: قرأ عاصم أو جذوة بفتح الجيم وقرأ حمزة وخلف جُذوة بضم الجيم والباقون جِذوة بالكسر وفي الشواذ قراءة الحسن الأجلين بتخفيف الياء وسكونها. الحجة: في الجذوة ثلاث لغات على حسب القراءات الثلاث وأما إيما فهي لغة قال الفرزدق:
تَنَظَّرْتُ نَسْراً وَالسِّماكَيْنِ أيْهُما   عَلَيَّ مِنَ الغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مَواطِرُهُ
اللغة: الجذوة القطعة الغليظة من الحطب فيها النار وجمعها جذى قال:
باتَـتْ حَــواطِبُ لَيْلى يَلْتَمِسْن لَها   جَزْلَ الجِذى غَيْرَ خَوَّارٍ وَلا ذعِرِ
وشاطئ الوادي جانبه وهو الشط والجمع الشواطئ. الإعراب: هاتين صفة لابنتي. ثماني حجج ظرف زمان. ذلك بيني وبينك ذلك مبتدأ وخبره بيني وبينك ومعناه ما شرطت عليَّ فلك وما شرطت لي فلي كذلك الأمر بيننا عن الزجاج وأيُّ في معنى الجزاء وهي منصوبة بقضيت وما مزيدة مؤكّدة وجوابه فلا عدوان عليَّ أن يا موسى أنْ في موضع نصب وهي مخففة من الثقيلة تقديره نودي بأنه يا موسى وبّأنه ألق عصاك. المعنى: ثم ذكر سبحانه أمر موسى في مدين وانصرافه عنه فقال { قالت إحداهما } أي إحدى ابنتيه واسمها صفورة وهي التي تزوَّج بها واسم الأخرى ليا. وقيل: إن اسم الكبرى صفراء واسم الصغرى صفيراء { يا أبت استأجره } أي اتخذه أجيراً { إن خير من استأجرت القوي الأمين } أي خير من استعملت من قوي على العمل وإداء الأمانة. قال عمر بن الخطاب: لما قالت المرأة هذا قال شعيب: وما علمك بأمانته وقوّته قالت أما قوته فلأنه رفع الحجر الذي لا يرفعه كذا وكذا وأما أمانته فإنه قال لي امشي خلفي فأنا أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي عجزك. وقيل: القوي في نزعه الحجر من البئر وكان لا يستطيعه إلا النفر. الأمين في غضّ طرفه عنهما حين سقى لهما فصدرتا وقد عرفتا قوته وأمانته فلما ذكرت المرأة من حاله ما ذكرت زاده ذلك رغبة فيه. { قال إني أريد أن أنكحك } أي أزوجك { إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حجج } أي على أن تكون أجيراً لي ثماني سنين { فإن أتممت عشراً فمن عندك } أي ذلك تفضل منك وليس بواجب عليك. وقيل: معناه على أن تجعل جزائي وثوابي إياك على أن أنكحك إحدى ابنتي أن تعمل لي ثماني سنين فزوَّجه ابنته بمهر واستأجره للرعي ولم يجعل ذلك مهراً وإنما شرط ذلك عليه وهذا على وفق مذهب أبي حنيفة والأول أصح وأوفق لظاهر الآية { وما أريد أن أشق عليك } في هذه الثمانية حجج وأن أكلفك خدمة سوى رعي الغنم. وقيل: وما أشق عليك بأن آخذك بإتمام عشر سنين. { ستجدني إن شاء الله من الصالحين } في حسن الصحبة والوفاء بالعهد وإنما علَّق الصلاح بمشيئة الله لأن مراده إن شاء الله تبقيتي فمن الجائز أن يخترمه الله ولا يفعل الصلاح الديني الذي يريده وحكى يحيى بن سلام أنه جعل لموسى كل سلخة توضع على خلاف شية أمها فأوحى الله إلى موسى في المنام أن ألق عصاك في الماء ففعل فولدن كلهن على خلاف شيتهن.

السابقالتالي
2 3