الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } * { وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } * { فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } * { فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }

القراءة: قرأ أبو جعفر وأبو عمرو وابن عامر حتى يصدر بفتح الياء وضم الدال وقرأ الباقون يُصدر بضم الياء وكسر الدال. الحجة: من حتى يصدُر الرعاء فمعناه حتى يرجعوا من سقيهم وفي التنزيليَصْدُر الناس أشتاتاً ليروا } [الزلزلة: 6] ومن قرأ حتى يُصدِر أراد حتى يصدروا مواشيهم من وردهم فحذف المفعول كما قال الشاعر:
لا يَعْدِلَنَّ أتاوِيُّــونَ تَضْــرُبُهُمْ   نَكْبَاءُ صِرٌّ بِأَصْحابِ المُحِلاَّتِ
أي أحداً. اللغة: تلقاء الشيء حذاؤه ويقال فعل ذلك من تلقاء نفسه أي من حذاء داعي نفسه وسواء السبيل وسط الطريق قال الشاعر:
حَتّى أُغيّبَ في سَواءِ المْلْحَدِ   
وذاد شاته أو إبله عن الشيء يذودها ذوداً أي حبسها عنه بمنعه منه قال سويد بن كراع:
أبِيــتُ عَلـى بَابِ القَوافي كَأَنَّما   أَذُودُ بِها سِرباً مِنَ الوَحْشِ نُزَّعا
قال الفراء ولا يقال ذدت في الناس وإنما يقال في الإبل والغنم وهذا ليس بشيء يدل عليه قول الكميت يصف بني هاشم:
سادَةٌ ذادَةٌ عَنِ الخُرَّدِ البِيـ   ـضِ إِذَا اليَــوْمَ كَــانَ كَالأَيَّامِ
والخطاب الأمر الذي فيه تفخيم ومنه الخِطبة والخُطبة والخَطاب كل ذلك فيه معنى العظم وما خطبكما أي ما شأنكما. قال الراجز:
يا عَجَباً ما خَطْبُـهُ وخَطْبــي   
والرعاء جمع راع ويجمع على الرعيان والرعاة. الإعراب: تلقاء ظرف مكان لا نسقي أي لا نسقي الغنم الماء فحذف مفعولاه لدلالة الكلام عليه وكذلك قوله { فسقى لهما } واللام في قوله { لما أنزلت } يتعلق بفقير تمشي في موضع نصب على الحال من جاءت وقوله { على استحياء } في موضع الحال أيضاً من تمشي أي تمشي مستحيية ويجوز أن يكون حالاً بعد حال. قالت إن أبي يدعوك الجملة يجوز أن يكون بدلاً من قوله { فجاءته } إحداهما ويجوز أن تكون في موضع الحال بإضمار قد والعامل فيه جاءت أو تمشي. المعنى: ثم بيَّن سبحانه خروج موسى من مصر إلى مدين فقال { فخرج منها } أي من مدينة فرعون { خائفاً } من أن يطلب فيقتل { يترقب } الطلب { قال رب نجِّني من القوم الظالمين }. قال ابن عباس: خرج موسى متوجّهاً نحو مدين وليس له علم بالطريق إلا حسن ظنّه بربّه قال رب نجني من فرعون وقومه. وقيل: إنه خرج بغير زاد ولا ماء ولا حذاء ولا ظهر وكان لا يأكل إلا من حشيش الصحراء حتى بلغ ماء مدين. { ولما توجه تلقاء مدين } التوجه صرف الوجه إلى جهة من الجهات وقوله هذا المعنى يتوجه إلى كذا أي هو كالطالب له يصرف وجهه إليه. قال الزجاج: معناه ولما سلك في الطريق الذي يلقى مدين فيها وهي على مسيرة ثمانية أيام من مصر نحو ما بين البصرة إلى الكوفة ولم يكن له علم بالطريق ولذلك { قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل } أي يرشدني قصد السبيل إلى مدين.

السابقالتالي
2 3