الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَٱغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ } * { فَأَصْبَحَ فِي ٱلْمَدِينَةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ } * { فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِٱلَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يٰمُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ } * { وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يٰمُوسَىٰ إِنَّ ٱلْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَٱخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّاصِحِينَ }

اللغة: الترقب الانتظار والاستصراخ طلب الصراخ على العدو بما يردعه عن الإيقاع به والائتمار التشاور والارتياء يقال ائتمر القوم وارتاءوا بمعنى قال امرؤ القيس:
أحارِ ابْنَ عَمْروٍ كَأَنِّي خَمِرْ   وَيَعْـدُو عَلَى المَرْءِ ما يَأْتَمِرْ
وقال النمر بن تولب:
أَرَى النَّاسَ قَد أحْدَثُوا شِيمَةً   وَفِـي كُــلّ حـادِثَةٍ يُؤْتَمَرْ
الإعراب: { بما أنعمت عليَّ } الباء للقسم ويجوز أن يكون ما حرفاً موصولاً والمعنى بإنعامك عليَّ ويجوز أن يكون اسماً موصولاً والضمير العائد محذوفاً والتقدير بالذي أنعمته عليَّ وجواب القسم لن أكون والفاء لجواب القسم مقدر في الموصول بالجملة الفعلية. { أن أراد أن يبطش } أن الأولى زائدة وأن الثانية مع صلتها منصوبة الموضع بأنها مفعولة إرادة { إني لك من الناصحين } لا يجوز أن تتعلق اللام في لك بالناصحين لأن الصلة لا تعمل فيما قبل الموصول وإنما تتعلق بمحذوف يفسّره هذا الظاهر تقديره إني من الناصحين لك. المعنى: ثم حكى سبحانه أن موسى ع حين قتل القبطي ندم على ذلك و { قال رب إني ظلمت نفسي } في هذا القتل فإنهم لو علموا بذلك لقتلوني. وقال المرتضى قدس الله روحه العزيز إنما قاله على سبيل الانقطاع والرجوع إلى الله تعالى والاعتراف بالتقصير عن أداء حقوق نعمه أو من حيث حرم نفسه الثواب المستحق بفعل الندب { فاغفر لي } معناه قول آدم عربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } [الأعراف: 23] وقبول الاستغفار والتوبة قد يسمى غفراناً { فغفر له إنه هو الغفور } لعباده { الرحيم } بهم المنعم عليهم. { قال } موسى { رب بما أنعمت عليَّ } أي بنعمتك عليَّ من المغفرة وصرف بلاء الأعداء عني { فلن أكون ظهيراً للمجرمين } المعنى فلك عليَّ ألا أكون مظاهراً ومعيناً للمشركين عن ابن عباس وفي هذا دلالة على أن مظاهرة المجرمين جرم ومعصية ومظاهرة المؤمنين طاعة وإنما ظاهر موسى ع من كان ظاهره الإيمان وخالف من كان ظاهره الكفر وجاء في الأثر أن رجلاً قال لعطاء بن أبي رياح: إن فلاناً يكتب لفلان ولا يزيد على كتبه دخله وخرجه فإن أخذ منه أجراً كان له غنى وإن لم يأخذ اشتد فقره وفقر عياله فقال عطاء أما سمعت قول الرجل الصالح { رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين }. { فأصبح } موسى في اليوم الثاني { في المدينة خائفاً } من قبل القبطي { يترقب } أي ينتظر الأخبار في قتل القبطي عن ابن عباس يعني أنه خاف من فرعون وقومه أن يكونوا عرفوا أنه هو الذي قتل القبطي فكان يتجسس وينتظر الأخبار في شأنه. { فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه } معناه أن الإسرائيلي الذي كان قد خلصه بالأمس ووكز القبطي من أجله يستصرخ موسى ويستعين به على رجل آخر من القبط خاصمه.

السابقالتالي
2