الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } * { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } * { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } * { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَأَنْ أَتْلُوَاْ ٱلْقُرْآنَ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } * { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

القراءة: قرأ حمزة وحفص وخلف أتوه مقصورة الألف غير ممدودة بفتح التاء وقرأ الباقون آتُوه بمدّ الألف وضم التاء وقرأ أهل البصرة غير سهل وابن كثير وحماد والأعشى والبرجمي عن أبي بكر بما يفعلون بالياء والباقون بالتاء وقرأ أهل الكوفة من فزع منوناً يومئذ بفتح الميم وقرأ أهل المدينة غير إسماعيل من فزع بغير تنوين يومئذ بفتح الميم وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو ونافع برواية إسماعيل ويعقوب من فزِع بغير تنوين يومئذ بكسر الميم وقرأ أهل المدينة وابن عامر وحفص ويعقوب عما تعملون بالتاء والباقون بالياء. الحجة: قال أبو علي: من قرأ أتوه كان فعلوا من الإتيان ومن قرأ آتوه فهو فاعلوه وكلاهما محمول على معنى كل ولو حمله على اللفظ جاز في قوله وكلهم آتيهوإن كل من في السماوات والأرض إلا آتى الرحمن عبداً } [مريم: 93] وحجة من قال يفعلون بالياء أن ذكر الغيبة قد تقدّم في قوله وكل أتوه وحجة التاء أنه خطاب للكافة وقد تدخل الغيبة في الخطاب ولا يدخل الخطاب في الغيبة وقوله من فزع يومئذ من نوَّن كان في انتصاب يوم ثلاثة أوجه أحدها: أن يكون منتصباً بالمصدر كأنه قال وهم من أن يفزعوا يومئذ آمنون والآخر: أن يكون اليوم صفة لفزع لأن أسماء الأحداث توصف بأسماء الزمان كما يخبر عنها بها وفيه ذكر الموصوف وتقديره في هذا الوجه أن يتعلق بمحذوف كأنه من فزع بحدث يومئذ والثالث: أن يتعلق باسم الفاعل كأنه آمنون من فزع يومئذ ويجوز إذا نوّن الفزع أن يعني به فزعاً واحداً ويجوز أن يعني به كثرة لأنه مصدر والمصادر تدل على الكثرة وإن كانت مفردة الألفاظ كقوله تعالىإن أنكر الأصوات لصوت الحمير } [لقمان: 19] وكذلك إذا أضاف فقال من فزع يومئذ أو يومئِذ ويجوز أن يعني به مفرداً ويجوز أن يعني به كثرة فأما القول في إعراب يوم وبنائه إذا أضيف إلى إذ فقد ذكر فيما تقدم وحجة من قرأ يعملون بالياء أنه وعيد للمشركين وحجة التاء أنه على معنى قل لهم ذلك. الإِعراب: وصف النهار بأنه مبصر فيه وجهان أحدهما: أن معناه ذو أبصار كقولهعيشة راضية } [القارعة: 7] أي ذات رضى وكقول النابغة:
كِلينِي لَهَمٍّ يا أُمَيْمَةَ ناصِبِ   
أي ذي نصب والثاني: أنه يريك الأشياء كما يراها من يبصرها بالنور الذي تجلى عندها وفيه قول ثالث أنه مثل قول جرير:
لَقَدْ لُمْتنا يا أُمَّ غَيْلانَ فِي السُّرى   وَنِمْــتِ وَمــا لَيْلُ الْمَطِــيّ بِنائِم
أي بالذي ينام فيه فيكون مبصراً بمعنى ما يبصر فيه. المعنى: ثم بيَّن سبحانه قدرته على الإِعادة والبعث بما احتجَّ به على الكفار فقال { ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه } عن التعب والحركات { والنهار مبصراً } أي يبصر فيه ويمكن التصرف فيه لضيائه ويدرك بنوره جميع الأشخاص كما يدرك بنور البصر { إن في ذلك لآيات } أي دلالات { لقوم يؤمنون } لأن جعل الشيء لما يصلح له من الانتفاع إنما يكون بالاختيار ولا يكون بالطباع.

السابقالتالي
2 3 4