الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } * { قَالَ عِفْرِيتٌ مِّن ٱلْجِنِّ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ } * { قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِيۤ أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ } * { قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِيۤ أَمْ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } * { وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ } * { قِيلَ لَهَا ٱدْخُلِي ٱلصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

القراءة: في الشواذ قراءة أبي رجاء وعيسى الثقفي عفرية. الحجة: والمعنى معنى العفريت يقال رجل عفرية نفرية أي خبيث داه قال ذو الرمة:
كَأنَّـهُ كَوْكَـبٌ في إثْرِ عِفْرِيةٍ   مُسَوَّمٌ في سَوادِ اللَّيْلِ مُنْقَضِبُ
وأصل العفريت والعفرية من العفر وهو التراب لأنه يصرع قرنه في العفر ومنه قيل للأسد عفرني وللناقة الشديدة عفرناة قال الأعشى:
بِـذاتِ لَوْثٍ عَفَرْناةٍ إذا عَثَرَتْ   فَالتَّعْسُ أدْنَى لَها مِنْ أنْ يُقال لَعا
اللغة: التنكير تغيير الشيء من حال إلى حال ينكرها صاحبها إذا رآه والصرح القصر وكل بناء مشرف صرح وصرحة الدار ساحتها وقارعتها وصحنها وأصله من الوضوح يقال صرح بالأمر أي كشفه وأوضحه وصرَّح بالتشديد لازم ومتعدٍّ واللجة معظم الماء والجمع لجج ولج البحر خلاف الساحل ومنه لج بالأمر إذا بالغ بالدخول فيه والممرَّد المملس ومنه الأمرد وشجرة مرداء أي ملساء لا ورق عليها والمارد المتملس عن الحق الخارج منه. المعنى: فلما رجع إليها الرسول وعرفت أنه نبيّ وأنها لا تقاومه فتجهزَّت للمسير إليه وأخبر جبرائيل سليمان ع إنها خرجت من اليمن مقبلة إليه { فقال } سليمان لأماثل جنده وأشراف عسكره: { يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين } واختلف في السبب الذي خصَّ به العرش بالطلب على أقوال أحدها: أنه أعجبته صفته فأراد أن يراه وظهر له آثار إسلامها فأحبَّ أن يملك عرشها قبل أن تسلم فيحرم عليه أخذ مالها عن قتادة وثانيها: أنه أراد أن يختبر بذلك عقلها وفطنتها ويختبر هل تعرفه أو تنكره عن ابن زيد. وقيل: أراد أن يجعل ذلك دليلاً ومعجزة على صدقه ونبوته لأنها خلفته في دارها وأوثقته ووكلت به ثقات قومها يحرسونه ويحفظونه عن وهب. وقال ابن عباس: كان سليمان رجلاً مهيباً لا يبتدء بالكلام حتى يكون هو الذي يسأل عنه فخرج يوماً فجلس على سريره فرأى رهجاً قريباً منه فقال ما هذا فقالوا بلقيس يا رسول الله وقد نزلت منا بهذا المكان وكان ما بين الكوفة والحيرة على قدر فرسخ فقال أيكم يأتيني بعرشها. وقوله مسلمين فيه وجهان أحدهما: أنه أراد مؤمنين موحدين والآخر: مستسلمين منقادين على ما مرَّ بيانه: { قال عفريت من الجن } أي مارد قوي داهية عن ابن عباس: { أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك } أي من مجلسك الذي تقضي فيه عن قتادة { وإني عليه لقوي أمين } أي وإني على حمله لقويّ وعلى الإتيان به في هذه المدة قادر وعلى ما فيه من الذهب والجواهر أمين وفي هذا دلالة على أن القدرة قبل الفعل لأنه أخبر بأنه قوي عليه قبل أن يجيء به. وكان سليمان يجلس في مجلسه للقضاء غدوة إلى نصف النهار فقال سليمان أريد أسرعَ من ذلك فعند ذلك { قال الذي عنده علم من الكتاب } وهو آصف بن برخيا وزير سليمان وابن أخته وكان صديقاً يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب عن ابن عباس.

السابقالتالي
2 3 4 5