الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِيۤ أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ } * { قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَٱلأَمْرُ إِلَيْكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } * { قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ } * { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِيَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } * { ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ }

القراءة: قرأ حمزة ويعقوب أتمدوني بنون واحدة مشددة على الإدغام والباقون بنونين مظهرين. الإعراب: حتى تشهدون انتصب تشهدون بإضمار أن والنون فيه نون عماد فلما جاء سليمان فاعل جاء الضمير المستكن فيه الراجع إلى مفعول مرسلة المحذوف لأن تقديره إني مرسلة رسولاً أذلة نصب على الحال وهم صاغرون جملة في موضع الحال معطوفة على أذلة. المعنى: ولما وقفت بلقيس على كتاب سليمان { قالت } لأشراف قومها { يا أيها الملأُ أفتوني في أمري } أي أشيروا عليَّ بالصواب والفتيا والفتوى الحكم بما فيه صواب بدلاً من الخطأ وهو الحكم بما يعمل عليه فجعلت المشورة هنا فتيا { ما كنت قاطعة أمراً } أي ما كنت ممضية أمراً { حتى تشهدون } أي تحضروني تريد إلا بحضرتكم ومشورتكم وهذا ملاطفة منها لقومها في الاستشارة منهم لما تعمل عليه. { قالوا } لها في الجواب عن ذلك { نحن أولوا قوة } أي أصحاب قوة وقدرة وأهل عدد { وأولوا بأس شديد } أي وأصحاب شجاعة شديدة { والأمر إليك } أي إن الأمر مفوّض إليك في القتال وتركه { فانظري ماذا تأمرين } أي ما الذي تأمريننا به لنمتثله فإن أمرت بالصلح صالحنا وإن أمرت بالقتال قاتلنا. { قالت } مجيبة لهم عن التعريض بالقتال { إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها } أي إذا دخلوها عنوة عن قتال وغلبة أهلكوها وخربوها { وجعلوا أعزة أهلها أذلة } أي أهانوا أشرافها وكبراءها كي يستقيم لهم الأمر والمعنى أنها حذرتهم مسير سليمان إليهم ودخوله بلادهم وانتهى الخبر عنها وصدقها الله فيما قالت فقال { وكذلك } أي وكما قالت هي { يفعلون }. وقيل: إن الكلام متصل بعضه ببعض وكذلك يفعلون من قولها. { وإني مرسلة إليهم } أي إلى سليمان وقومه { بهدية } أصانعه بذلك عن ملكي { فناظرة } أي فمنتظرة { بم يرجع المرسلون } بقبول أم ردّ وإنما فعلت ذلك لأنها عرفت عادة الملوك في حسن موقع الهدايا عندهم وكان غرضها أن يتبين لها بذلك أنه ملك أو نبي فإن قبل الهدية تبيّن أنه ملك وعندها ما يرضيه وإن ردّها تبين أنه نبي. واختلف في الهدية فقيل أهدت إليه وصفاء ووصايف ألبستهم لباساً واحداً حتى لا يعرف ذكر من أنثى عن ابن عباس. وقيل: أهدت مائتي غلام ومائتي جارية ألبست الغلمان لباس الجواري وألبست الجواري ألبسة الغلمان عن مجاهد. وقيل: أهدت له صفائح الذهب في أوعية من الديباج فلما بلغ ذلك سليمان أمر الجن فموهوا له الآجر بالذهب ثم أمر به فألقي في الطريق فلما جاؤوا رأوه ملقى في الطريق في كل مكان فلما رأوا ذلك صغر في أعينهم ما جاؤوا به عن ثابت اليماني. وقيل: إنها عمدت إلى خمسمائة غلام وخمسمائة جارية فألبست الجواري الأقبية والمناطق وألبست الغلمان في سواعدهم أساور من ذهب وفي أعناقهم أطواقاً من ذهب وفي آذانهم أقراطاً وشنوفاً مرصعات بأنواع الجواهر وحملت الجواري على خمسمائة رمكة والغلمان على خمسمائة برذون على كل فرس لجام من ذهب مرصع بالجواهر وبعثت إليه خمسمائة لبنة من ذهب وخمسمائة لبنة من فضة وتاجاً مكللاً بالدر والياقوت المرتفع وعمدت إلى حقة فجعلت فيها درة يتيمة غير مثقوبة وخرزة جزعية مثقوبة معوجة الثقب.

السابقالتالي
2 3