الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ } * { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَاْذبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } * { إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } * { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ } * { أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } * { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ }

القراءة: قرأ ابن كثير أو ليأتينَّني بنونين أولاهما مشددة مفتوحة والباقون بنون واحدة مشددة وقرأ عاصم ويعقوب فمكث بفتح الكاف والباقون بضم الكاف وقرأ أبو عمرو وابن كثير في رواية البزي من سباء بفتح الهمزة وقرأ ابن كثير في رواية القواس وابن فليح من سبا بغير همزة وقرأ الباقون من سبأ مجرورة منونة ومثله سواء في سورة سبأ لقد كان لسبأ وقرأ أبو جعفر والكسائي ورويس عن يعقوب ألا يسْجدوا خفيفة اللام وقرأ الباقون ألاّ يسجدوا مثل قوله ألا يقولوا ومن خفَّف وقف على ألا يا وابتدأ اسجدوا وقرأ الكسائي وحفص عن عاصم ما تخفون وما تعلنون بالتاء والباقون بالياء. الحجة: من قرأ ليأتينّي حذف النون الثالثة التي هي قبل ياء المتكلم لاجتماع النونات ومن قرأ ليأتينَّني فهو على الأصل ومكَث ومكُث لغتان ومما يقوّي الفتح وقوله أنكم ماكثون وقوله ماكثين فيه أبداً. وقال سيبويه: ثمود وسبأ مرة للقبيلتين ومرة للحيين. قال أبو علي: يريد أن هذه الأسماء منها ما جاء على أنه اسم الحي نحو معد وقريش وثقيف ومنها ما يستوي فيه الأمران كثمود وسبأ. وقال أبو الحسن: في سبأ إن شئت صرفت فجعلته اسم أبيهم أو اسم الحي وإن شئت لم تصرف فجعلته اسم القبيلة قال والصرف أحب إيّ لأنه قد عرف أنه اسم أبيهم وإن كان الأب يصير كالقبيلة إلا أني أحمله على الأصل وقال غيره هو اسم رجل واليمانية كلها تنسب إليه يقولون سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. قال الزجاج: من قال إنّ سبأ اسم رجل فغلط لأن سبأ هي مدينة تعرف بمأرب من اليمن بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيام قال الشاعر:
مِنْ سبأ الحاضِرينَ مَأرِبَ إذْ   يَبْنُـونَ مِنْ دُونِ سَيْلِهِ الْعَرِما
فمن لم يصرف فلأنه اسم مدينة ومن صرفه فلأن يكون اسماً للبلد قال جرير:
الـوارِدُونَ وَتَيْـمٌ في ذُرى سَبَأٍ   قَدْ عَضَّ أعْناقَهُمْ جِلْدُ الْجَوامِيسِ
ومن قرأ ألا يسجدوا فالتقدير فصدَّهم عن السبيل لأن لا يسجدوا على أنه مفعول له. قال أبو علي: وهذا هو الوجه لتجري القصة على سننها ولا يفصل بين بعضها وبعض ما ليس منها وإن كان الفصل بهذا النحو غير ممتنع لأنه يجري مجرى الاعتراض وكأنَّه لما قيل { وزيَّن لهم الشيطان أعمالهم فصدَّهم عن السبيل فهم لا يهتدون } فدلّ هذا الكلام على أنهم لا يسجدون لله قال ألا يا قوم اسجدوا لله خلافاً عليهم ووجه دخول حرف التنبيه على الأمر أنه موضع يحتاج فيه إلى استعطاف المأمور لتأكيد ما يؤمر به عليه كما أن النداء موضع يحتاج فيه إلى استعطاف المنادي لما ينادي له من أخبار أو أمر أو نهي ونحو ذلك مما يخاطب به وإذا كان كذلك فيجوز أن لا تريد منادى في نحو قولك ألا يسجدوا كما لا تريد المنادى في نحو قوله:

السابقالتالي
2 3 4