الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً } * { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً } * { وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } * { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } * { إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } * { وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً } * { يُضَاعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً } * { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم سُرُجاً بضمتين من غير ألف والباقون سراجاً، وقرأ حمزة وخلف أن يَذْكُر خفيفاً والباقون يَذَّكَّر بتشديدتين، وقرأ أهل المدينة وابن عامر يقتروا بضم الياء، وقرأ أهل الكوفة بفتح الياء وضم التاء، وقرأ أهل البصرة وابن كثير بفتح الياء وكسر التاء، وقرأ أبو جعفر وابن عامر ويعقوب وسهل يضعف له العذاب بالتشديد والجزم ويخلد بالجزم، وقرأ ابن عامر يضعف بالتشديد والرفع ويخلد بالرفع، وقرأ أبو بكر يضاعف بالألف والرفع ويخلد بالرفع، وقرأ نافع وأبو عمرو وأهل الكوفة إلا أبا بكر يضاعف بالألف والجزم ويخلد بالجزم، وقرأ ابن كثير وحفص فيهي مهاناً بإشباع كسرة الهاء وذلك مذهب ابن كثير في جميع القرآن ووافقه حفص في هذا الموضع فقط، وقرأ يبدل الله بسكون الباء البرجمي عن أبي بكر مختلفاً عنه والباقون بالتشديد. الحجة: من قرأ سراجاً فحجته قوله وجعل فيها سراجاً ومن قرأ سرجاً فحجته قولهولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح } [فصلت: 12] فشبهت الكواكب بالمصابيح كما شبهت المصابيح بالكواكب في قولهالزجاجة كأنها كوكب دري } [النور: 35] وإنما المصباح الزجاجة في المعنى وقد سبق القول في يَفْكُرَ ويَذَّكَّرَ فيما مضى والاقتار الإيسار قال الشاعر:
لَكُمْ مَسْجِدَا الله المَزورانِ والحَصى   لَكُـْـم قِبْصُهُ مِــنْ بَيْـنِ أثْرى وَأقْتَرا
تقديره من بني رجل أثرى ورجل أقترا فأقام الصفة مقام الموصوف ومثله في التنزيلومن أهل المدينة مردوا على النفاق } [التوبة: 101]. قال أبو علي: يجوز أن يكون على قبيل مردوا مثل قولهومن آياته يريكم البرق } [الروم: 24] وأما قَتَر يَقْتِرُ ويَقْتُرُ فمثل عكف يَعكفُ ويعكِف وعرش يعرُش ويعرِش فمن ضمَّ الياء أراد لم يُقْتِروا في إنفاقهم لأن المسرف مشرف على الإقتار ومن فتح الياء فالمعنى لم يضيقوا في الإنفاق ومن قرأ يضاعف بالجزم جعه بدلاً من الفعل الذي هو جزاء الشرط وهو قوله يلق إثاماً وذلك أن تضعيف العذاب هو لقي جزاء الأثام في المعنى ومثله قول الشاعر:
إنْ يَجْبُنُوا أَو يَغْدِرُوا   أوْ يَبْخَلُوا لاَ يَحْفِلُوا
يَغْــدُو عَليْــكَ مُرَجَّلِـ   ـينَ كَأَنَّــهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا
فغدوهم مرجلين في المعنى ترك الاحتفال وقد أبدل من الشرط كما أبدل من الجزاء وذلك في قول الشاعر:
مَتـى تَأْتِنَـا تُلْمِمْ بِنا في غِيارِنا   تَجِدْ حَطَباً جزْلاً ونَاراً تَأْجَّجا
فأبدل تلمم من تأتنا لأن الإلمام إتيان في المعنى. قال أبو علي: ومثل حذف الجزاء الذي هو مضاف في المعنى في قوله يلق أثاماً أي جزاء أثام قولهترى الظالمين مشفقين مما كسبوا } [الشورى: 22] وهو واقع بهم المعنى من جزاء ما كسبوا. وقال أبو عبيدة: يلق أثاماً أي عقوبة وأنشد لمسافع الليثي:
جَزَى اللهُ ابنَ عُرْوََةَ حَيْثُ أمْسى   عَقُـــوقاً وَالعُقُــــوقُ لَــهُ أَثامُ

السابقالتالي
2 3 4 5