الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } * { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } * { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } * { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } * { أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا ٱلشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً } * { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً } * { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِبَاساً وَٱلنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُوراً } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً } * { لِّنُحْيِـيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً } * { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً }

القراءة: قرأ البرجمي نَسقيه بفتح النون والباقون نُسقيه بضم النون وفي الشواذ قراءة الأعرج من اتخذ الأُلاهة هواه وقراءة ابن السميفع الرياح بشرى. الحجة: قد مضى الفرق بين نسقي ونُسقى فيما تقدَّم والأُلاهة الشمس. وقيل: أُلهة بالضم غير مصروفة وأنشد:
تَرَوَّحْنَا مِنَ اللَّعْبَاءِ عَصْراً   وَأَعْجَلْنَا الأُلاهَةَ أنْ تؤوبـا
ويروى وأعجلنا الالإهة ومن قرأ وألهتك فمعناه وعبادتك وقد يجوز أن يكون أراد هذه المعرفة فأضافها إليه لعبادته لها فيكون كقولك ويذرك وشمسك أي والشمس التي تعبدها ومن قرأ بشرى فهو مصدر وضع موضع الحال أي مبشرة كقولهم هلم جرا أي جاراً أو منجراً ويأتينك سعياً وقد ذكرنا الاختلاف بين القراء فيه وما لهم من الاحتجاج في كل وجه منه في سورة الأعراف وذكرنا اختلافهم في ليذكروا في سورة بني إسرائيل. اللغة: القبض جمع الأجزاء المنبسطة واليسير السهل القريب واليسير أيضاً نقيض العسير وأيسر الرجل ملك من المال ما تتيسّر به الأمور عليه. وقيل: اليد اليسرى لأنه يتيسر بها العمل مع اليمنى وتياسر أخذ في جهة اليد اليسرى والسبات قطع العمل ومنه سَبَت رأسه سبتاً إذا حلقه ومنه يوم السبت وهو يوم قطع العمل، والنشر خلاف الطيّ وأناسي جمع إنسان جعلت الياء عوضاً من النون وقد قالوا أيضاً أناسين وقد يجوز أيضاً أن يكون جمع أنسي فيكون مثل كرسي وكراسي. الإعراب: أهذا الذي بعث الله رسولاً العائد من الصلة إلى الموصول محذوف لطول الكلام أي بعثه الله رسولاً منصوب على الحال من الهاء المحذوفة وإن كان ليضلنا إنْ مخففة واسمه محذوف تقديره إنه كان وهو ضمير الأمر والشأن واللام في ليضلنا لام التأكيد التي تقع في خبر إن كيف مدَّ الظل كيف في محل النصب على الحال من الضمير المستكن في مَدَّ والتقدير أمبدعاً مدَّ الظل أم لا ويجوز أن يكون في موضع المصدر والتقدير أي مد مد الظل. وقال الزجاج: الأجود أن يكون " ألم تر " من رؤية القلب ويجوز أن يكون من رؤية العين وبشراً نصب على الحال في الوجوه كلها من الرياح والعامل فيه أرسل. مما خلقنا الجار والمجرور في موضع نصب على الحال. المعنى: ثم حكى سبحانه عن الكفار الذين وصفهم فيما تقدم فقال { وإذا رأوك } أي وإذا شاهدوك يا محمد { إن يتخذونك إلا هزواً } أي ما يتخذونك إلا مهزّواً به والمعنى أنهم يستهزؤون بك ويستصغرونك ويقولون على وجه السخرية { أهذا الذي بعث الله رسولاً } أي بعثه الله إلينا رسولاً { إن كاد ليضلنا عن آلهتنا }. قال ابن عباس: معناه لقد كاد يصرفنا عن عبادة آلهتنا وتأويله قد قارب أن يأخذ بنا في غير جهة عبادة آلهتنا على وجه يؤدي إلى هلاكنا فإن الإضلال الأخذ بالشيء إلى طريق الهلاك { لولا أن صبرنا عليها } أي على عبادتها لأزَّلنا عن ذلك وحذف الجواب لدلالة الكلام عليه فقال سبحانه متوعداً لهم { وسوف يعلمون حين يرون العذاب } الذي ينزل بهم في الآخرة عياناً { من أضل سبيلاً } أي من أخطأ طريقاً عن الهدى أهم أم المؤمنون.

السابقالتالي
2 3