الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } * { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِٱلْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } * { ٱلَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً } * { فَقُلْنَا ٱذْهَبَآ إِلَى ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً } * { وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً } * { وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ ٱلرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً } * { وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ ٱلأَمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً } * { وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِيۤ أُمْطِرَتْ مَطَرَ ٱلسَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً }

القراءة: في الشواذ قراءة مسلم بن محارب فَدَمرانهمْ تدميراً على التأكيد بالنون الثقيلة وروي ذلك عن علي ع وعنه فَدَمِّراهُمْ وهذا كأنه أمر لموسى وهارون أن يدمّراهم. اللغة: العدو المتباعد عن النصرة للبغضة من عدا يعدو إذا باعد خطوه وعدا عليه باعد خطوه للإيقاع به وتعدى في فعله إذا أبعد في الخروج عن الحق ومنه عدوتا الوادي لأنهما بعداه ونهايتاه والترتيل التبيين في تثبيت وترسل وثغر رَتَل ورَتْل بفتح التاء وسكونها إذا كان مفلجاً لا لصص فيه فالتدمير الإهلاك لأمر عجيب ومنه التنكيل يقال دمَّر على فلان إذا هجم عليه بالمكروه، والرس البئر التي لم تطوَ بحجارة ولا غيرها والتتبير الإهلاك والاسم منه التبار ومنه قيل التِبْر لِقطع الذهب. الإعراب: قال الزجاج: { هادياً ونصيراً } منصوب على وجهين أحدهما: الحال أي كفى ربك في حال الهداية والنصر والآخر: أن يكون منصوباً على التمييز أي كفى ربك من الشهادة والنصار. جملة نصب على الحال معناه مجموعاً وأحسن مجرور بالعطف على الحق. { على وجوههم } في موضع نصب على الحال وتقديره يحشرون مكبوبين وقوم نوح منصوب بفعل مضمر يفسّره هذا الظاهر تقديره أغرقنا قوم نوح والعامل في لما أغرقناهم وعاداً وثمود وما بعد ذلك عطف على الهاء والميم في قوله وجعلناهم ويجوز أن يكون عطفاً على معنى { وأعتدنا للظالمين عذاباً } ويكون تقديره موعدنا للظالمين بالعذاب ووعدنا عاداً وكلا منصوب بفعل مضمر الذي ظهر تفسيره. المعنى وأنذرنا كلا ضربنا له الأمثال وتبّرنا كلا. { مطر السوء } منصوب لأنه مصدر أمطرت تقديره إمطار السوء. المعنى: ثم عزّى الله سبحانه نبيّه بقوله { وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين } أي وكما جعلنا لك عدواً من مشركي قومك جعلنا لكل نبي عدواً من كفار قومه عن ابن عباس والمعنى في جعله إياهم عدواً لأنبيائه أنه تعالى أمر الأنبياء ع أن يدعوهم إلى الإيمان بالله تعالى وترك ما ألفوه من دينهم ودين آبائهم وإلى ترك عبادة الأصنام وذمها وكانت هذه أسباباً داعية إلى العداوة فإذا أمرهم بها فقد جعلهم عدواً لهم { وكفى بربك هادياً ونصيراً } أي حسبك بالله هادياً إلى الحق وناصراً لأوليائه في الدنيا والآخرة على أعدائهم. وقيل: هادياً للأنبياء إلى التحرز عن عداوة المجرمين بالاعتصام بحبله. { وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة } معناه وقال الكفار لرسول الله صلى الله عليه وسلم هلا أتيتنا بالقرآن جملة واحدة كما أنزلت التوراة والإنجيل والزبور جملة واحدة قال الله تعالى { كذلك } أي نزّلناه كذلك متفرّقاً { لنثبت به فؤادك } أي لنقوّي به قلبك فتزداد بصيرة وذلك أنه إذا كان يأتيه الوحي متجدداً في كل حادثة وكل أمر كان ذلك أقوى لقلبه وأزيد في بصيرته.

السابقالتالي
2 3