الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا لَقَدِ ٱسْتَكْبَرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً } * { يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً } * { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } * { أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } * { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً } * { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَافِرِينَ عَسِيراً } * { وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً } * { يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } * { لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً } * { وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِي ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ مَهْجُوراً }

القراءة: قرأ أهل الكوفة وأبو عمرو تشقق خفيفة الشين ههنا وفي سورة ق والباقون تشقّق مشددة الشين وقرأ ابن كثير ننزل بنونين خفيفةً الملائكة بالنصب والباقون ونزل بنون واحدة وتشديد الزاي وفتح اللام والملائكة بالرفع. الحجة: تشقق أصله تتشقق فأدغم التاء في الشين والتخفيف أكثر في الكلام لأن الحذف أخفّ عليهم من الإدغام ومن قرأ وتُنزّل الملائكة تنزيلاً فإنْ أنزل مثل نزل ومثله في التنزيلوتبتل إليه تبتيلاً } [المزمل: 8] فجاء المصدر على فعَّل قال الشاعر:
وَقَـدْ تَطَـوَّيتُ انْطِـواءَ الحِضْـبِ   
اللغة: الرجاء ترقب الخير الذي يقوّي في النفس وقوعه ومثله الطمع والأمل واللقاء المصير إلى الشيء من غير حائل، والعتو الخروج إلى أفحش الظلم وأصل الحَجْر الضيق وسمّي الحرام حَجْراً لضيقه بالنهي عنه قال المتلمس:
حَجَّتْ إلىَ الْنَخْلَةِ الْقُصْوَى فقلت لها   حَجْـــرٌ حَـــرامٌ ألاَ تِلْـــكَ الدَّهارِيسُ
ومنه حجر الكعبة لأنه لا يدخل عليه في الطواف وإنما يطاف من ورائه لتضييقه بالنهي عنه والحجر العقل لما فيه من التضييق في القبيح، والهباء غبار كالشعاع لا يمكن القبض عليه وفلان كناية عن واحد بعينه من الناس لأنه معرفة. وقال ابن دريد عن أبي حاتم عن العرب أنهم كنوا عن كل مذكر بفلان وعن كل مؤنثة بفلانة فإذا كنوا عن البهائم أدخلوا عليه الألف واللام فقالوا الفلان والفلانة. الإعراب: يوم يرون الملائكة العامل في يوم معنى قوله { لا بشرى يومئذ للمجرمين } فإنه يدل على يحزنون ويومئذ توكيد ليوم يرون ولا يجوز أن يكون يوم يرون منصوباً بلا بشرى لأن ما يتصل بلا لم يعمل فيما قبلها وحجراً منصوب لأنه مفعول ثاني لفعل مقدر وهو جعل الله عليكم الجنة حجراً محجوراً. { أصحاب الجنة يومئذ خير } العامل في يومئذ خير. { ويوم تشقق } العامل فيه محذوف تقديره وأذكر يوم تشقق. { الملك يومئذ الحق للرحمن } يومئذ من صلة الملك الذي هو المصدر والحق صفة له والجار والمجرور الذي هو للرحمن في موضع خبر المبتدأ الذي هو الملك ويجوز أن يكون يومئذ ظرفاً وهو بدل من يوم تشقق ويكون العامل فيهما الظرف الذي هو قوله للرحمن وإن تقدما عليه. { ويوم يعض } يجوز أن يكون العامل فيه أذكر ويجوز أن يكون معطوفاً على ما قبله. ويقول جملة في موضع الحال. { يا ليتني } المنادى محذوف وتقديره يا صاحبي ليتني. { ويا ويلتا } منادى مضاف أصله يا ويلتي تعالي فإنه وقتك بأبدل من الكسرة فتحة ومن الياء ألفا لثقل الكسرة والياء وخفة الفتحة والألف. النزول: قال ابن عباس: نزل قوله { ويوم يعض الظالم } في عقبة بن أبي معيط وأبيّ بن خلف وكانا متخالين وذلك أن عقبة كان لا يقدم من سفر إلا صنع طعاماً فدعا إليه أشراف قومه وكان يكثر مجالسة الرسول فقدم من سفره ذات يوم فصنع طعاماً ودعا الناس فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعامه فلما قربوا الطعام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أنا بآكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله " فقال عقبة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله وبلغ ذلك أبي بن خلف فقال صبأت يا عقبة قال لا والله ما صبأت ولكن دخل عليَّ رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم فشهدت له فطعم فقال أنّي ما كنت براض عنك أبداً حتى تأتيه فتبزق في وجهه.

السابقالتالي
2 3 4