الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } * { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } * { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَـاةً وَلاَ نُشُوراً } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } * { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً } * { أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } * { ٱنظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً } * { تَبَارَكَ ٱلَّذِيۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً }

بسم الله الرحمن الرحيم القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم نأكل منها بالنون والباقون بالياء وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر وَيَجْعَلُ لك بالرفع والباقون بالجزم. الحجة: من قرأ يأكل منها بالياء فإنه يعني به النبي صلى الله عليه وسلم ومن قرأ نأكل منها فكأنه أراد أنه تكون له المزية علينا في الفضل بأكلنا من جنته ومن قرأ ويجعل لك بالجزم عطف على موضع جعل لأنه جزاء الشرط قال الشاعر:
أَنَّى سَلَــــكْتَ فَإنَنَّـــي لَـــكَ كــاشِحٌ   وَعَلى انْتِقاصِكَ في الحَياةِ وَازْدَدِ
ومن رفع قطعه مما قبله واستأَنف: الإِعراب: قال الزجاج: التقدير جاءوا بظلم وزور فلما سقطت الباء أفضى الفعل فنصب الفعل وأقول أنه يجوز جاءوا ظلماً بمعنى أتوا ظلماً قال طرفة:
عَلى غَيْرِ ذَنْبٍ جِئْتُهُ غَيْرَ أَنَّني   نَشَـــدْتُ فَلَــمْ أُغْفلْ حَمُولَةَ مَعْبَدِ
فمعنى جئته فعلته. { اكتتبها } جملة في موضع نصب على الحال من أساطير الأولين وقد مضمرة وأساطير خبر مبتدء محذوف ويأكل الطعام حال والعامل فيه ما تعلق فيه ما تعلق به اللام في قوله ما لهذا الرسول فيكون منصوباً بإضمار إن. { كيف ضربوا } كيف في محل النصب على المصدر والتقدير ضرب أي ضربوا لك الأمثال ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال من الواو في ضربوا التقدير انظر أمنكرين ضربوا لك الأمثال أم لا. { إن شاء جعل لك خيراً من ذلك } الشرط والجزاء صلة الذي وجنات بدل من قوله خيراً. المعنى: { تبارك } تفاعل من البركة معناه عظمت بركاته وكثرت عن ابن عباس والبركة والكثرة من الخير. وقيل: معناه تقدَّس وجلَّ بما لم يزل عليه من الصفات ولا يزال كذلك فلا يشاركه فيها غيره وأصله من بروك الطير فكأنه قال ثبت ودام فيما لم يزل ولا يزال عن جماعة من المفسرين. وقيل: معناه قام بكل بركة وجاء بكل بركة { الذي نزل الفرقان } أي القرآن الذي يفرّق بين الحق والباطل والثواب والخطأ في أمور الدين بما فيه من الحثّ على أفعال الخير والزجر عن القبائح والشر { على عبده } محمد صلى الله عليه وسلم { ليكون } محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن { للعالمين } أي لجميع المكلفين من الجن { نذيراً } أي مخوّفاً بالعقاب وداعياً لهم إلى الرشاد. ثم وصف سبحانه نفسه فقال { الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً } كما زعمت اليهود والنصارى والمشركون { ولم يكن له شريك في الملك } يشاركه فيما خلق ويمنعه عن مراده { وخلق كل شيء } مما يطلق عليه اسم المخلوق { فقدَّره تقديراً } على ما اقتضته الحكمة والتقدير تبيين مقادير الأشياء للعباد فيكون معناه قدر الأشياء بأن كتبها في الكتاب الذي كتبه الملائكة لطفاً لهم.

السابقالتالي
2 3