الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ ٱلْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَـلَٰوةِ ٱلْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَـٰبَكُمْ مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَٰوةِ ٱلْعِشَآءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَٰفُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأَيَـٰتِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَٱلْقَوَاعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير حفص ثَلاَث عورات بالنصب والباقون بالرفع في الشواذ عن الأعمش عَوَرات بفتح الواو وقرأ أبوجعفر وأبو عبد الله ع يضعن من ثيابهن وروي ذلك عن ابن عباس وسعيد بن جبير. الحجة: قال أبو علي: من رفع كان خبر المبتدأ محذوفاً كأنه قال هذا ثلاث عورات فأجمل بعد التفصيل ومن نصب جعله بدلاً من قوله ثلاث مرات فإن قلت فإن قوله ثلاث مرات زمان بدلالة أنه فسرّ بزمان وهو قوله من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء وليس العورات بزمان فكيف يصح وليس هي هو، قيل: يكون ذلك على أن تضمر الأوقات كأنه قال أوقات ثلاث عورات فلما حذف المضاف أعرب المضاف إليه بإعراب المضاف، والعَوْرات جمع عورة وحكم ما كان على فَعْله من الأسماء تحريك العين في الجمع نحو جَفْنة وجفَنَات إلا أن عامة العرب كرهوا تحريك العين فيما كان عينه واواً أو ياء لما كان يلزم من الانقلاب إلى الألف فأسكنوا وقالوا عورات وبيضات إلا أن هذيلاً حرّكوا العين منها فقالوا عَوَرات ولَوَزات وأنشد بعضهم:
أَخُو بَيَضاتٍ رائحٌ مُتَــأَوِّبٌ   رَفِيقٌ بِمَسْحِ المَنْكِبَيْنِ سَبُوحُ
فحرك الياء من بيضات والجيد عند النحويين الأول ومن قرأ من ثيابهن فلأنه لا يوضع كل الثياب وانما يوضع بعضها وروي عن أبي عبد الله ع أنه قال هو الجلباب إلا أن تكون أمة فليس عليها جناح أن تضع خمارها. اللغة: التبرج إظهار المرأة من محاسنها ما يجب عليها ستره وأَصله الظهور ومنه البرج البناء العالي لظهوره. المعنى: لمّا تقدَّم أحكام النساء والرجال ومن أبيح له الدخول على النساء استثنى سبحانه ههنا أوقاتاً من ذلك فقال { يا أيها الذين آمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم } معناه مُرُوا عبيدكم وإماءكم أن يستأذنوا عليكم إذا أرادوا الدخول إلى مواضع خلواتكم عن ابن عباس. وقيل: أراد العبيد خاصة عن ابن عمر وهو المروي عن أبي جعفر ع وأبي عبد الله ع { والذين لم يبلغوا الحلم منكم } من أحراركم وأراد به الصبي الذي يميزّ بين العورة وغيرهما. وقال الجبائي: الاستئذان واجب على كل بالغ في كل حال وعلى الأطفال في هذه الأوقات الثلاثة بظاهر الآية ثلاث مرات أَي في ثلاث أوقات من ساعات الليل والنهار. ثم فسَّرها فقال { من قبل صلاة الفجر } وذلك أن الإِنسان ربما يبيت عرياناً أو على حال لا يحبّ أن يراه غيره في تلك الحال { وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة } يريد عند القائلة { ومن بعد صلاة العشاء } الآخرة حين يأوي الرجل إلى امرأته ويخلو بها أمر الله بالاستئذان في هذه الأوقات التي يتخلى الناس فيها وينكشفون.

السابقالتالي
2