الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لاَّ تُقْسِمُواْ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

القراءة: قرأ أبو بكر كما استخلف بضم التاء والباقون بفتح التاء وقرأ ابن كثير وأبو بكر ويعقوب وسهل وليُبْدِلنهم من الإبدال والباقون بالتشديد من التبديل. الحجة: قال أبو علي: الوجه في كما استخلف بفتح التاء واللام لأن اسم الله قد تقدَّم ذكره والضمير في ليستخلفهم يعود إليه فكذلك في قوله كما استخلف والوجه في استخلف أنه يراد به ما يراد باستخلف والتبديل والإبدال بمعنى. وقيل: إن التبديل تغيير حال إلى حال أخرى يقال بدل صورته والإبدال رفع الشيء بإن يجعل غيره مكانه قال:
عـزل الأميـر بالأميـر المبـدلِ   
الإِعراب: وأقسموا بالله جهد أيمانهم أصله وأقسموا بالله يجهدون الأَيمان جهداً فحذف الفعل وأقيم مصدره مضافاً إلى المفعول مقامه كقوله فضرب الرقاب وحكم هذا المنصوب حكم الحال كأنه قال جاهدين أيمانهم طاعة مبتدء وخبره محذوف تقديره طاعة معروفة أولى بكم وأَفضل لكم ليستخلفنهم جواب قسم بدل عليه قوله وعد الله لأن وعده سبحانه كالقسم يعبدونني يجوز أن يكون جملة مستأنفة على طريق الثناء عليهم ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال. المعنى: ولمّا بيَّن الله سبحانه كراهتهم لحكمه قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم والله لو أمرتنا بالخروج من ديارنا وأموالنا لفعلنا فقال الله سبحانه { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن } أي حلفوا بالله أغلظ أيمانهم وقدر طاقتهم إنك إن أمرتنا بالخروج في غزواتك لخرجنا { قل } لهم يا محمد { لا تقسموا } أي لا تحلفوا وتمَّ الكلام { طاعة معروفة } أي طاعة حسنة للنبي صلى الله عليه وسلم خالصة صادقة أفضل وأحسن من قسمكم بما لا تصدقون فحذف خبر المبتدأ للعلم به. وقيل: معناه ليكن منكم طاعة والقول المعروف هو المعروف صحته { إن الله خبير بما تعملون } أي من طاعتكم بالقول ومخالفتكم بالفعل. ثم أمرهم سبحانه بالطاعة فقال { قل } لهم { أطيعوا الله } فيما أمركم به { وأطيعوا الرسول } فيما أتاكم به واحذروا المخالفة { فإن تولوا } أي فإن تعرضوا عن طاعة الله وطاعة رسوله والأصل تتولوا فحذف أحد التاءين { فإنما عليه } أي على الرسول { ما حمل } أي كلف وأمر من التبليغ وإداء الرسالة { وعليكم ما حملتم } أي كلفتم من الطاعة والمتابعة { وإن تطيعوه } أي وإن تطيعوا الرسول { تهتدوا } إلى الرشد والصلاح وإلى طريق الجنة { وما على الرسول إلا البلاغ المبين } أي ليس عليه إلا أداء الرسالة وبيان الشريعة وليس عليه الاهتداء وإنما ذلك عليكم ونفعه عائد إليكم والمبين البين الواضح. { وعد الله الذين آمنوا منكم } أَي صدقوا بالله وبرسوله وبجميع ما يجب التصديق به { وعملوا الصالحات } أي الطاعات الخالصة لله { ليستخلفنهم في الأرض } أي ليجعلنهم يخلفون من قبلهم والمعنى ليورثنهم أرض الكافر من العرب والعجم فيجعلهم سكانها وملوكها { كما استخلف الذين من قبلهم }.

السابقالتالي
2 3