الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } * { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِٱلأَبْصَارِ } * { يُقَلِّبُ ٱللَّهُ ٱللَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

القراءة: قرأ أبو جعفر يُذهِب بالأبصار بضم الياء وكسر الهاء والباقون يذهب. الحجة: من قرأ يُذهِب فالباء زائدة وتقديره يذهب الأبصار ومثله قولهولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [البقرة: 195] وقول الهذلي:
شَرِبْنَ بِماءِ الْبَحْرِ ثُمَّ تَرَفَّعَتْ   مَتـــى لُجَــجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئِيجُ
أي شربن ماء البحر. قال ابن جني: إنما يزاد هذا الباء لتوكيد معنى التعدي كما يزاد اللام لتوكيد معنى الإضافة في قوله:
يا بؤس للحرب ضراراً لأقوامِ   
وإن شئت حملته على المعنى فكأنه قال يكاد سنا برقه يلوي بالأبصار أي يستأثر بالأبصار وقد ذكرنا اختلافهم في قوله خلق كل دابة فيه والوجه في سورة إبراهيم. اللغة: الإزجاء والتزجية والسوق وزجا الخراج يزجو زجاء إذا انساق إلى أهله وتيسر جبايته والركام المتراكم بعضه على بعض والركمة الطين المجموع والودق المطر ودقت السماء تدق ودقاً إذا أمطرت قال الشاعر:
فَلا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَها   وَلا أَرْضٌ أبْقَلَ أبْقَالَهَا
والخلال جمع الخلل وهو الفرجة بين الشيئين والبرد أصله من البرد خلاف الحر وسحاب برد أتى بالبرد ويقال سمي البَرد لأنه يبرد وجه الأرض أي يقشره من بردت الشيء بالمبرد والسنا مقصوراً الضوء وهو بالمد الرفعة. الإعراب: صافّات حال من الطير وينزل من السماء مِنْ لابتداء الغاية لأن السماء مبدأ لإنزال المطر من جبال من للتبعيض لأن البرد بعض الجبال التي في السماء مِنْ بَرَد من لتبيين الجنس لأن جنس الجبال جنس البرد عن علي بن عيسى، والتحقيق أن قوله من جبال بدل من قوله من السماء وقوله فيها في يتعلق بمحذوف وتقديره من جبال كائنة في السماء فالجار والمجرور في موضع الصفة لجبال تقديره من جبال سماوية من يرد يتعلق بمحذوف آخر في محل جرّ لأنه صفة بعد صفة تقديره من جبال سماوية بَردية ومفعول ينزل محذوف أي ينزل من جبال في السماء من برد برداً كما يقال أخذت من المال شيئاً، وقوله على بطنه في موضع نصب على الحال وكذلك قوله على رجلين وعلى أربع ومن الأولى والثالثة بمعنى ما. المعنى: ثم ذكر سبحانه الآيات التي جعلها نوراً للعقلاء العارفين بالله وصفاته فقال: { ألم تر } أي ألم تعلم يا محمد لأن ما ذكر في الآية لا يرى بالإبصار وإنما يعلم بالأدلة والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به جميع المكلفين: { أن الله يسبح له من في السماوات والأرض } والتسبيح التنزيه لله تعالى عما لا يجوز عليه ولا يليق به أي ينزهه أهل السماوات وأهل الأرض بألسنتهم. وقيل: عنى به العقلاء وغيرهم وكنّى عن الجميع بلفظة من تغليباً للعقلاء على غيرهم { والطير } أي ويسبّح له الطير { صافات } أي واقفات في الجوّ مصطفّات الأجنحة في الهواء وتسبيحها ما يرى عليها من آثار الحدوث.

السابقالتالي
2 3