الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّـٰهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ }

القراءة: قرأ ابن كثير في رواية البزي سحاب بغير تنوين ظلمات بالجر وفي رواية القواس وابن فليح سحاب بالتنوين ظلمات بالجر والباقون كلاهما بالرفع والتنوين. الحجة: قال أبو علي: قوله أو كظلمات معناه أو كذي ظلمات ويدل على حذف المضاف قوله إذا أخرج يده لم يكد يراها فالضمير الذي أضيف إليه يده يعود إلى المضاف المحذوف ومعني ذي ظلمات أنه في ظلمات ومعنى ظلمات بعضها فوق بعض ظلمة البحر وظلمة الموج وظلمة الموج الذي في الموج وقوله خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث فإنه يجوز أن يكون ظلمة الرحم وظلمة البطن وظلمة المشيمة وقوله: { فنادى في الظلمات } ظلمة البحر وظلمة بطن الحوت وظلمة الليل ويجوز أن يكون الالتقام كان بالليل فهذه ظلمات ومن قرأ سحاب ظلمات فرفع ظلمات كان خبر مبتدأ محذوف تقديره هذه ظلمات بعضها فوق بعض ومن قرأ سحاب ظلمات جاز أن يكون تكريراً وبدلاً من ظلمات الأولى ومن قرأ سحاب ظلمات بإضافة سحاب إلى الظلمات فالظلمات هي الظلمات التي تقدم ذكرها فأضاف السحاب إلى الظلمات لاستقلال السحاب وارتفاعه في وقت كون هذه الظلمات كما تقول سحاب رحمة وسحاب مطر إذا ارتفع في الوقت الذي يكون فيه الرحمة والمطر. اللغة: السراب شعاع يتخيل كالماء يجري على الأرض نصف النهار حين يشتد الحر والآل شعاع يرتفع بين السماء والأرض كالماء ضحوة النهار والآل يرفع الشخص الذي فيه وإنما قيل سراب لأنه ينسرب أي يجري كالماء وقيعة جمع قاع وهو الواسع من الأرض المنبسطة وفيه يكون السراب ولجة البحر معظمه الذي يتراكب أمواجه فلا يرى ساحله والتج البحر إلتجاجاً. المعنى: ثم ذكر سبحانه مثل الكفار فقال: { والذين كفروا أعمالهم } التي يعملونها ويعتقدون أنها طاعات { كسراب بقيعة } أي كشعاع بأرض مستوية { يحسبه الظمآن ماء } أي يظنه العطشان ماء { حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً } أي حتى إذا انتهى إليه رأى أرضاً لا ماء فيها وهو قوله لم يجده شيئاً أي شيئاً مما حسب وقدر فكذلك الكافر يحسب ما قدَّم من عمله نافعاً وأن له عليه ثواباً وليس له ثواب: { ووجد الله عنده فوفّاه حسابه } قيل معناه ووجد الله عند عمله فجازاه على كفره وهذا في الظاهر خبر عن الظمآن والمراد به الخبر عن الكفار ولكن لما ضرب الظمآن مثلاً للكفار جعل الخبر عنه كالخبر عنهم والمعنى وجد أمر الله ووجد جزاء الله. وقيل: معناه وجد الله عنده بالمرصاد فأتم له جزاه: { والله سريع الحساب } لا يشغله حساب عن حساب فيحاسب الجميع على أفعالهم في حالة واحدة وسئل أمير المؤمنين ع كيف يحاسبهم في حالة واحدة فقال كما يرزقهم في حالة واحدة.

السابقالتالي
2