الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ } * { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } * { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ } * { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

القراءة: قرأ أبو جعفر وابن كثير ويعقوب كوكب دُريّ مضمومة الدال مشددة الباء تَوَقَّدَ بفتح التاء والدال وتشديد القاف، وقرأ أبو عمرو دِرّيء مكسورة الدال ممدودة مهموزة توقد كما تقدم، وقرأ الكسائي درئ مكسورة الدال ممدودة مهموزة تُوقَدُ بضم التاء والتخفيف والرفع، وقرأ نافع وابن عامر وحفص دُرّي غير مهموزة يوقد بضم الياء والرفع، وقرأ أبو بكر وحمزة دُرّيء مضمومة الدال مهموزة ممدودة توقد بضم التاء وتخفيف القاف، وقرأ خلف دري مضمومة الدال غير مهموزة توقد بضم التاء والتخفيف، وقرأ ابن عامر وأبو بكر يُسَبَّح له فيها بفتح الباء والباقون بكسرها. الحجة: قال أبو علي: من قرأ دُرِّيّ يحتمل قوله أمرين أحدهما: أن يكون نسبة إلى الدر لفرط صفائه ونوره ويجوز أن يكون فُعِّيلا من الدريء فخففت الهمزة فانقلبت ياء كما تنقلب من النسيء والنبيء. ومن قال دِرّيء كان فِعّيلا من الدرء مثل السِكّير والفِسّيق والمعنى إن الخفاء اندفع عنه لتلألؤه في ظهروه فلم يخف كَما يخفى السهى ونحوه ومن قرأ دُرّيء كان فعيلاً من الدَرْء الذي هو الدفع وقد حكى سيبويه عن أبي الخطاب كوكب دُرِّيء من الصفات ومن الأسماء المُرِّيق للعُصْفُر ومما يمكن أن يكون على هذا البناء العُلّية ألا تراه أنه من علا ومنه السُرّية. الأولى أن تكون فعلية ومن قرأ تُوقَد كان فاعله المصباح لأن المصباح هو الذي توقد قال أمرؤ القيس:
سَمَوْتُ إلَيْها وَالنُّجُومُ كَأنَّها   مَصـابِيحُ رُهْبانٍ تُشَبُّ لِقَفّالِ
ومن قرأ يوقد كان فاعله المصباح أيضاً ومن قرأ تَوَقَّدَ كان فاعله الزجاجة والمعنى على مصباح الزجاجة فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه فقال توقد فحمل الكلام على لفظ الزجاجة أو يريد بالزجاجة القنديل فقال توقد على لفظ الزجاجة وإن كان يريد القنديل ومعنى توقد من شجرة أي من زيت شجرة فحذف المضاف يدلك على ذلك قوله { يكاد زيتها يضيء } ومن قرأ يسبح له بفتح الباء أقام الجار والمجرور مقام الفاعل ثم فسَّر من يسبح فقال رجال أي يسبح له رجال فرفع رجالاً بهذا المضمر الذي دلَّ عليه قوله يسبح لأنه إذا قال يسبح دل على فاعل التسبيح ومثله قول الشاعر:
لَيُبْكَ يَزِيدٌ ضارعٌ لِخُصُومَةٍ   وَمُخْتَبِطٌ مِمّا تُطيحُ الطَّوائِحُ
اللغة: المشكاة قيل إنها رومية معربة. وقال الزجاج: يجوز أن تكون عربية لأن في الكلام مثل لفظها شكوة وهي قرية صغيرة فعلى هذا تكون مِفعلة منها وأصلها مشكوة فقلبت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها والمصباح السراج وأصله من البياض والأصح الأبيض. الإعراب: قيل في تقدير قوله { نور السماوات } وجهان أحدهما: أن يكون على حذف المضاف وتقديره ذو نور السماوات والأرض على حد قوله أنه عمل غير صالح والثاني: أن يكون مصدراً وضع موضع اسم الفاعل كقوله

السابقالتالي
2 3 4 5 6