الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } * { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيۤ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ ٱلتَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي ٱلإِرْبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفْلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

القراءة: قرأ أبو جعفر وابن عامر وأبو بكر غيرَ أولي الإربة بالنصب والباقون بالجر وقرأ ابن عامر أيه المؤمنين ويا أيه الساحر وأيه الثقلان بضم الهاء والباقون بفتحها. الحجة: قال أبو علي: " غير " فيمن جرّ صفة للتابعين والمعنى لا يبدين زينتهن إلا للتابعين الذين لا إربة لهم في النساء والإربة الحاجة لأنهم في أنهم لا إربة لهم كالأطفال الذين لم يظهروا على عورات النساء أي لم يقووا عليها ومنه قولهفأصبحوا ظاهرين } [الصف: 14] وجاز وصف التابعين بغير لأنهم غير مقصودين بأعيانهم فأجرى لذلك مجرى النكرة وقد قيل إن التابعين جاز أن يوصفوا بغير في هذا لقصر الوصف على شيء بعينه فإذا قصر على شيء بعينه زال الشياع عنه فاختص فالتابعون ضربان ذو إربة وغير ذي إربة وليس ثالث وإذا كان كذلك جاز لاختصاصه أن يجري وصفاً على المعرفة وعلى هذاالذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم } [الفاتحة: 7] وكذلكلا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر } [النساء: 95] لأن المسلمين وغيرهم لا يخلو من أن يكونوا أصحاء أو زمنى فإذا وصفوا بأحد الشيئين زال الشياع فساغ الوصف به لذلك. ومن نصب غير احتمل ضربين أحدهما: أن يكون استثناء والتقدير لا يبدين زينتهن إلا للتابعين إلا ذا الإربة منهم فإنهن لا يبدين زينتهن لمن كان منهم ذا إربة والآخر: أن يكون حالاً المعنى أو الذين يتبعونهن عاجزين عنهن وذو الحال ما في التابعين من الذكر وقال الوقف على يا أيها وأيها بالألف لأنها إنما أسقطت لسكونها وسكون لام المعرفة فإذا وقف عليها زال التقاء الساكنين وظهرت الألف. فأما ضم الهاء في قراءة ابن عامر فلا يتّجه لأن آخر الاسم هو الياء الثانية من أيُّ فينبغي أن يكون المضموم آخر الاسم ولو جاز أن يضم هذا من حيث كان مضموماً إلى الكلمة لجاز أن يضم الميم من اللهم لأنه آخر الكلمة ووجه الإشكال والشبهة في ذلك أنه وجد هذا الحرف قد صار في بعض المواضع التي يدخل فيها بمنزلة ما هو من نفس الكلمة نحو مررت بهذا الرجل وغلام هذه المرأة فلما وجدها في أوائل المبهمة كذلك جعلها في الآخر أيضاً بمنزلة شيء من نفس الكلمة واستجاز حذف الألف اللاحق للحرف لما رآه قد حذف في قولهم هلمَّ فأجري عليه الإعراب لما كان كالشيء الذي من نفس الكلمة فإن قلت فإنه قد حرّك الياء التي قبلها بالضم في يا أيها الرجل فإنه يجوز أن نقول حركة أيُّ في هذه المواضع كحركات الاتباع في نحو امرئ وامروء فهذا وجه شبهته. اللغة: أصل الغض النقصان يقال غض من صوته ومن بصره أي نقص ومنه حديث عمرو بن العاص لما مات عبد الرحمن بن عوف: هنيئاً لك خرجت من الدنيا ببطنتك لم تتغضغض منها بشيء يقال غضغضت الشيء فتغضغض إذا نقص والإربة فعلة من الأرب كالمشية والجلسة وفي الحديث إن رجلاً اعترض النبي صلى الله عليه وسلم ليسأله فصاحوا به فقال صلى الله عليه وسلم: " دعوا الرجل إرِبَ ما لَه ".

السابقالتالي
2 3