الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمْ ٱرْجِعُواْ فَٱرْجِعُواْ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } * { لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ }

اللغة: الاستيناس طلب الأنس بالعلم أو غيره تقول العرب اذهب فاستأنس هل ترى أحداً ومنه قولهفإن آنستم منهم رشداً } [النساء: 6] أي علمتم وروي عن ابن عباس أنه قال إنما هي تستأذنوا يعني قوله { تستأنسوا } وكذلك يروى عن عبد الله وروي عن أبيّ حتى تسلموا وتستأنسوا وكذلك قرأ ابن عباس. المعنى: قال سبحانه { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات } قيل في معناه أقوال أحدها: أن الخبيثات من الكلِم للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من الكلم والطيبات من الكلم للطيبين من الرجال والطيبون من الرجال للطيبات من الكلم ألا ترى أنك تسمع الخبيث من الرجل الصالح فتقول غفر الله لفلان ما هذا من خلقه ولا مما يقول عن ابن عباس والضحاك ومجاهد والحسن. والثاني: أن معناه الخبيثات من السيئات للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من السيئات والطيبات من الحسنات للطيبين من الرجال والطيبون من الرجال للطيبات من الحسنات عن ابن زيد. والثالث: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء والطيبات من النساء للطيبين من الرجال والطيبون من الرجال للطيبات من النساء عن أبي مسلم والجبائي وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله ع قالا: هي مثل قولهالزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } [النور: 2] الآية أن أناساً هَمُّوا أن يتزوَّجوا منهن فنهاهم الله عن ذلك وكره ذلك لهم. { أُولئك مبرؤون مما يقولون } أي الطيبون مبرؤون أي منزَّهون من الكلام الخبيث عن مجاهد. وقال الفراء: يعني به عائشة وصفوان بن المعطل وهو بمنزلة قوله تعالىفإن كان له إخوة } [النساء: 11] والأم تحجب بالأخوين فجاء على تغليب لفظ الجمع { لهم مغفرة } أي لهؤلاء الطيبين من الرجال والنساء مغفرة من الله لذنوبهم { ورزق كريم } أي عطية من الله كريمة في الجنة. ثم خاطب سبحانه المؤمنين فقال { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا } أي حتى تستأذنوا عن ابن مسعود وابن عباس قال أخطأ الكاتب فيه وكان يقرأ حتى تستأذنوا. وقيل: تستأنسوا بالتنحنح والكلام الذي يقوم مقام الاستيذان وقد بيَّن الله تعالى ذلك في قولهوإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا } [النور: 59] عن مجاهد والسدي. وقيل: معناه حتى تستعلموا وتتعرفوا عن أبي أيوب الأنصاري قال: " قلنا يا رسول الله ما الاستيناس قال: " يتكلم الرجل بالتسبيحة والتحميدة والتكبيرة ويتنحنح على أهل البيت " وعن سهل بن سعد قال " أطلع رجل في حجرة من حجر رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه مِدرَى يحكُّ به رأسه: " لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينيك إنما الاستيذان من النظر "

السابقالتالي
2