الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ }

القراءة: قرأ روح عن يعقوب ما زكّى منكم بالتشديد والباقون بالتخفيف وقرأ أبو جعفر ولا يتأل وهو قراءة زيد بن أسلم وأبي رجاء وأبي مجلز والباقون لا يأتل وروي عن علي ع ولتعفوا ولتصفحوا بالتاء كما يروى بالياء أيضاً وقرأ أهل الكوفة غير عاصم يوم يشهد عليهم بالياء والباقون تشهد وفي الشواذ قراءة مجاهد وأبي روق يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق بالرفع. الحجة: الوجه في قوله { ما زكّى } بالتشديد أنه قال والله يزكي وأما قوله { ولا يتأل } فإنه من تألى إذا حلف وفي الحديث: " ومن يتأل على الله يكذبه " وهو الذي يحلف فيقول والله لا يدخل فلان الجنة وفلان النار وأنشد الأصمعي:
عجاجة هجاجة تأَلاَّ   لأصبحن الأحقر الأذلا
وأما لا يأتل ففيه ثلاثة أقوال أحدها: من الآلية التي هي اليمين أيضاً يقال أيتلى وتألى وإلى بمعنى والآخر أنه من قولهم ما ألوت في كذا أي ما قصرت والمعنى ولا يقصر. وقال الأخفش: إنه يحتمل الأمرين، وقوله { ولتعفوا ولتصفحوا } بالتاء مثل ما روي فلتفرحوا بالتاء على الأصل وقد تقدم فيه، ومن قرأ يوم يشهد بالياء فلأن تأنيث الألسنة ليس بحقيقي ولأنه حصل بين الفعل والفاعل فصل ومن قرأ بالتاء فعلى أن الألسنة مؤنثة ومن قرأ الحق بالرفع جعله وصفاً لله تعالى أي يوفيهم الله الحق دينهم مثل قولهإلى الله مولاهم الحق } [الأنعام: 62]. النزول: قيل إن قوله { ولا يأتل أولوا الفضل منكم } الآية نزلت في أبي بكر ومسطح بن أثاثة وكان ابن خالة أبي بكر وكان من المهاجرين ومن جملة البدريين وكان فقيراً وكان أبو بكر يجري عليه ويقوم بنفقته فلما خاض في الإفك قطعها وحلف أن لا ينفعه بنفع أبداً فلما نزلت الآية عاد أبو بكر إلى ما كان وقال والله إني لأحب أن يغفر الله لي والله لا أنزعها عنه أبداً عن ابن عباس وعائشة وابن زيد. وقيل: نزلت في يتيم كان في حجر أبي بكر حلف لا ينفق عليه عن الحسن ومجاهد. وقيل: نزلت في جماعة من الصحابة أقسموا على أن لا يتصدقوا على رجل تكلَّم بشيء من الإفك ولا يواسوهم عن ابن عباس وغيره. المعنى: ثم نهى سبحانه عن اتباع الشيطان فقال { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان } أي آثاره وطرقه التي تؤدّي إلى مرضاته. وقيل: وساوسه { ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر } هذا بيان سبب المنع من اتباعه { ولولا فضل الله عليكم ورحمته } بأن لطف لكم وأمركم بما تصيرون به أزكياء ونهاكم عما تصبرون بتركه أزكياء { ما زكى منكم من أحد أبداً } أي ما صار منكم أحد زكياً ومن في من أحد مزيدة.

السابقالتالي
2 3