الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ } * { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ } * { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } * { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ } * { وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } * { لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ }

القراءة: قرأ أهل المدينة وأهل الكوفة غير حفص عالم الغيب بالرفع والباقون بالجر إلا أن رويساً إذا وصل جر وإذا ابتدأ رفع. الحجة: وجه الرفع أن يكون خبر مبتدأ محذوف وتقديره هو عالم الغيب ووجه الجر أن يكون صفة الله تعالى ويكون إضافة عالم حقيقة بمعنى اللام ويجوز أن يكون بدلاً فتكون الإضافة غير حقيقية والغيب في تقدير والأول يكون بمعنى الماضي والثاني بمعنى الحاضر ولا يكون بمعنى المستقبل. اللغة: الهَمْزة شدة الدفع ومنه الهمزة للحرف الذي يخرج من أقصى الحلق باعتماد شديد ودفع وهمزة الشيطان دفعه بالإغواء إلى المعاصي وقوس همَزى شديدة الدفع للسهم والبرزخ الحاجز بين الشيئين وكل فصل بين شيئين برزخ ومعنى من ورائهم هنا من أمامهم وقدامهم قال الشاعر:
أَيَرْجُو بَنُو مروان سَمْعي وطاعَتِي   وَقَوْمِـــي تَمِيـــمٌ وَالْفُــــلاةُ وَرَائِيـا
الإِعراب: قوله إذاً لذهب كل إله بما خلق جواب لو مقدر والتقدير ولو كان معه إله إذا لذهب وإذا هنا حشو بين أو وجوابه فهي لغو غير عامل " أما تريني " أن للشرط ضمت إليها ما مسلطة والمعنى أنها سلطت نون التأكيد على دخولها الفعل المضارع ولو لم تكن هي لم يجز أن تريني وجواب الشرط فلا تجعلني ورَبِّ معترض بين الشرط والجزاء وبالتي هي أحسن الموصولة والصلة في موضع جر بأنهما صفة محذوف مجرور التقدير ادفع بالخصلة التي هي أحسن ورب ارجعون جاء الخطاب على لفظ الجميع لأنه سبحانه يقولإنا نحن نزلنا الذكر } [الحجر: 9]وإنا نحن نحيي } [يس: 12، ق: 43] وهذا اللفظ يعرفه العرب للجليل الشأن يخبر به الجماعة فكذلك جاء الخطاب في ارجعون. وقال المازني: إنه جمع الضمير ليدل على التكرار فكأنه قال رب ارجعن ارجعن ارجعن وإلى يوم يبعثون إلى تتعلق بما يتعلق به مِنْ في قوله ومن ورائهم برزخ ويوم مضاف إلى يبعثون لأن أسماء الزمان تضاف إلى الأفعال. المعنى: ثم أكَّد سبحانه ما قدَّمه من أدلة التوحيد بقوله { ما اتخذ الله من ولد } أي لم يجعل ولد غيره ولد نفسه لاستحالة ذلك عليه فمن المحال أن يكون له ولد فلا يجوز عليه التشبيه بما هو مستحيل ممتنع إلا على النفي والتبعيد واتخاذ الولد هو أن يجعل الجاعل ولد غيره يقوم مقام ولده لو كان له وكذلك التبني إنما هو جعل الجاعل ابن غيره ومن يصح ابناً له مقام ابنه ولذلك لا يقال تبنى شاب شيخاً ولا تبنى الإِنسان بهيمة لما استحال أن يكون ذلك ولداً له. { وما كان معه من إله } من ههنا وفي قوله أن ولد مؤكدة فهو آكد من أن يقول ما اتخذ الله ولداً وما كان معه إله نفى عن نفسه الولد والشريك على آكد الوجوه { إذاً لذهب كل إله بما خلق } والتقدير إذ لو كان معه إله آخر لذهب كل إله بما خلق أي ليميّز كل إله خلقه عن خلق غيره ومنعه من الاستيلاء على ما خلقه أو نصب دليلاً يميّز به بين خلقه غيره فإنه كان لا يرضى أن يضاف خلقه وإنعامه إلى غيره.

السابقالتالي
2 3 4