القراءة: قرأ أبو جعفر هيهاتِ هيهاتِ بالكسر والباقون بالفتح وفي الشواذ قراءة عيسى بن عمر هيهاتٍ هيهاتٍ بالتنوين والكسر وقراءة أبي حَيْوَة هيهاتٌ هيهاتٌ بالرفع والتنوين وقراءة عيسى الهمداني هيهات هيهات مرسلة التاء. الحجة: قال ابن جني: أما الفتح وهو قراءة العامة فعلى أنه واحد وهو اسم سمي به الفعل في الخبر وهو اسم بعد كما أنّ شتّان اسم افترق وأُفّ اسم أتضجر ومن كسر فقال هيهاتٍ منوّناً أو غير منوّن فهو جمع هيهاة وأصلها هيهيات فحذف الألف لأنه في آخر اسم غير متمكن كما حذفت ياء الذي وألف ذا في التثنية إذا قلت اللذان وذان ومن نوَّن ذهب إلى التنكير أي بُعداً بعداً ومن لم ينوَّن ذهب إلى التعريف أراد البعد البعد ومن فتح وقف بالهاء لأنها كهاء أرطأة ومن كسر كتبها بالتاء لأنها جماعة ومن قال هيهاتٌ بالتنوين والرفع فإنه يكتبها بالهاء ويكون اسماً معرباً فيه معنى البعد، وقوله لما توعدون عنه فكأنه قال البعد لوعدكم وأما هيهات ساكنة التاء فينبغي أن تكون جماعة وتكتب بالتاء وأجريت في الوقف مجراها في الوصل وتقول العرب هيهات لما تبغي وهيهات منزلك قال جرير:
فَهَيْهاتَ هَيْهاتَ الْعَقِيقُ ومَنْ بِهِ
وَهَيْهــاتَ خِلٌّ بِالْعَقِيقِ نُواصِلُه
ويروى أيهات واختار الفراء الوقف على هيهات بالتاء لأن قبلها ساكناً فصارت كتأنيث أخت. وقال أبو علي: إنما كرر هيهات في الآية وفي البيت للتأكيد وأما اللتان في الآية ففي كل واحدة منهما ضمير مرتفع يعود إلى الإخراج إذ لا يجوز خلوه من الفاعل والتقدير هيهات إخراجكم لأن قوله إنكم مخرجون بمعنى الإخراج أي بعد إخراجكم للوعد إذ كان الوعد إخراجكم بعد موتكم استبعد أعداء الله إخراجهم لما كانت العدة به بعد الموت ففاعل هيهات هو الضمير العائد إلى أنكم مخرجون الذي هو بمعنى الإخراج وأما في البيت ففي هيهات الأول ضمير العقيق وفسّر ذلك ظهوره مع الثاني. الإعراب: اختلفوا في أن الثانية من قوله سبحانه { أيعدكم أنكم إذا متّم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون } وكذلك قوله { ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فإن له نار جهنم } وقوله { كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم } فقال سيبويه إن الثانية في هذه المواضع الثلاث بدل من الأولى. وقال أبو عمرو الجرمي وأبو العباس المبرد: إنها مكررة للتأكيد وطول الكلام. وقال أبو الحسن: إنها مرتفع بالظرف واختاره أبو علي الفارسي وزيف القولين وأقول إن أنَّ الأولى في قوله أيعدكم أنكم مع اسمها وخبرها في موضع نصب على أنه المفعول الثاني من الوعد ويكون تقديره على مذهب سيبويه أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أي أيعدكم أنكم بعد موتكم مخرجين بعد موتكم وكونكم تراباً وعظاماً وأما على مذهب من جعله للتكرير فتقديره أيعدكم أنكم بعد موتكم مخرجون.