الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ } * { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ }

القراءة: قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو وطور سيناء بكسر السين والباقون بفتحها وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب عن روح تنبت بالدهن بضم التاء والباقون تنبت بفتح التاء وضم الباء وفي الشواذ قراءة الحسن والزهري والأعرج تنبت بضم التاء وفتح الباء وقد ذكرنا اختلافهم في نسقيكم في سورة النحل. الحجة: قال أبو عمرو: من قرأ سيناء بفتح السين لم ينصرف الاسم عنده في معرفة ولا نكرة لأن الهمزة في هذا البناء لا تكون إلا للتأنيث ولا تكون للإِلحاق لأن فعلال لا يكون إلا في المضاعف فلا يجوز أن يلحق به شيء فهذا إذاً كموضع أو بقعة تسمى بطرفاء أو صحراء ومن قرأ سيناء بالكسر فالهمزة فيها منقلبة عن الياء كعلباء وسيساء وهي الياء التي أظهرت في نحو دِرْحايَة وإنما لم ينصرف على هذا القول وإن كان غير مؤنث لأنه جعل اسم بقعة فصار بمنزلة امرأة سميت بجعفر ومن قرأ تُنْبِتٌ بالدهن احتمل وجهين أحدهما: أن يجعل الجار زائداً يريد تنبت الدهن كما في قولهولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [البقرة: 195] وقد زيدت هذه الباء مع الفاعل كما زيدت مع المفعول به في نحو قوله:
أَلَــمْ يَأْتِيكَ وَالأَنْباء تَنْمى   بِما لاقَتَ لَبُونُ بَنِي زِيادِ
وقد زيدت مع هذه الكلمة بعينها في قوله:
بِوادٍ يَمانٍ تَنْبُتُ الشَّثُّ حَوْلَهُ   وَأَسْفَلُهُ بِالْمَرْخِ وَالشُّبُهــانِ
حملوه على ينبت أسفله المرخ ويجوز أن تكون الباء متعلقاً بغير هذا الفعل الظاهر ويقدر مفعولاً محذوفاً تقديره تنبت جناها أي ثمرتها وفيها دهن وصبغ كما تقول خرج بثيابه وركب بسلاحه ومن قرأ تَنبت بالدهن جاز أن يكون الجار فيه للتعدي أنبته ونبت به ويجوز أن يكون الباء في موضع حال كما كان في الوجه الأول ولا يكون للتعدي ولكن تنبت وفيها دهن وقد قالوا أنبت بمعنى نبت فكأن الهمزة في أنبت مرة للتعدي ومرة لغيرها ويكون من باب أخال وأجرب وأقطف أي صار ذا خال وجرب ومن قرأ تُنْبَت فهو على معنى تنبت وفيها دهنها وتؤكد ذلك قراءة عبد الله تخرج بالدهن أي تخرج من الأرض ودهنها معها. قال ابن جني: ذهبوا في بيت زهير:
حتى إذا أنبت البقل   
إلى أنه في معنى نبت وقد يجوز أن يكون محذوف المفعول بمعنى حتى إذا أنبت البقل ثمره قال ومن ذهب إلى زيادة الباء في قوله تنبت بالدهن فمضعوف المذهب لأنه يزيد حرفاً لا حاجة له إلى اعتقاد زيادته. المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدم فقال { وشجرة تخرج من طور سيناء } أي أنشأنا لكم بذلك المطر شجرة يعني شجرة الزيتون وخصَّت بالذكر لما فيها من العبرة بأنه لا يتعاهدها إنسان بالسقي وهي تخرج الثمرة التي يكون منها الدهن الذي تعظم به المنفعة وسيناء اسم المكان الذي به هذا الجبل في أصح الأقوال وهي نبطية في قول الضحاك وحبشية في قول عكرمة وهي اسم حجارة بعينها أضيف الجبل إليها عن مجاهد.

السابقالتالي
2