الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } * { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } * { ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } * { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّٰهُ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَٰدِرُونَ } * { فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ }

القراءة: قرأ ابن عامر وأبو بكر عَظْماً فكسونا الَعَظْم على الأفراد وقرأ زيد عن يعقوب عَظْماً فكسونا العظام والباقون على الجمع في الموضعين. الحجة: قال أبو علي: الجمع أشبه بما جاء في التنزيلإذا كنا عظاماً ورفاتاً } [الإسراء: 49، 98]إذا كنا عظاماً نخرة من يحيي العظام } [النازعات: 11] والإفراد لأنه اسم جنس فأفرد كما يفرد المصادر وغيرها من الأجناس نحو الدرهم والإِنسان وليس ذلك على حد قوله:
كُلُوا فِي بَعْضٍ بَطْنِكُمُ تَعِفُّوا   فَــإنَّ زَمانَكُــمْ زَمَنٌ خَمِيصُ
ولكنه على ما أنشده أبو زيد:
لَقَدْ تَعَلَّـــلْتُ عَلـــــى أيانِـــقِ   صُهْبٍ قَليلاتِ القُرادِ اللاَّزِقِ
فالقراد يراد به الكثرة لا محالة. اللغة: السلالة اسم لما يسل من الشيء كالكساحة اسم لما يكسح وتسمى النطفة سلالة والولد سلالة وسليلة والجمع سلالات وسلائل فالسلالة صفوة الشيء التي يخرج منها كالسلافة قال الشاعر:
وَهَلْ كُنْتُ إلاَّ مُهْرَةٌ عَلاَبِيَّةٌ   سَلِيْـــلَةَ أفْراسٍ تَجلَّلَها بَغْلُ
والنطفة الماء القليل وقد يقال للماء الكثير أيضاً ومنه قول أمير المؤمنين عليه أفضل الصلوات مصارعهم دون النطفة، يريد النهر وأن يعني الخوارج ومنه الحديث: " حتى يسير الراكب بين النطفتين لا يخشى جوراً " يعني بحر المشرق وبحر المغرب. الإِعراب: في قرار في موضع الصفة لنطفة وعلقة حال من النطفة بعد الفراغ من الفعل وكذلك القول في مضغة وعظام ولحماً مفعول ثان لكسونا وخلقاً مصدر أنشأنا من غير لفظه من نخيل وأعناب صفة لجنات وكذلك قوله { لكم فيها فواكه كثيرة }. المعنى: ثم قال سبحانه على وجه القسم { ولقد خلقنا الإِنسان من سلالة من طين } المراد بالإِنسان ولد آدم ع وهو اسم الجنس فيقع على الجميع عن ابن عباس ومجاهد وأراد بالسلالة الماء يسل من الظهر سلاً من طين أي من طين آدم لأنها تولدت من طين خلق آدم منه. قال الكلبي: يقول من نطفة سلت تلك النطفة من طين. وقيل: أراد بالإِنسان آدم ع لأنه استل من أديم الأرض عن قتادة. { ثم جعلناه } يعني ابن آدم الذي هو الإِنسان { نطفة في قرار مكين } يعني الرحم مكن فيه الماء بأن هُيَّأَ لاستقراره فيه إلى بلوغ أمَده الذي جعل له. { ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة } مفسّر في سورة الحج { فخلقنا المضغة عظاماً } أي جعلنا تلك المضغة من اللحم عظاماً { فكسونا العظام لحماً } أي فأنبتنا اللحم على العظام كاللباس. بيَّن سبحانه تنقل أحوال الإِنسان في الرحم حتى استكمل خلقه لينَبّه على بدائع حكمته وعجائب صنعته وكمال نعمته { ثم أنشأناه خلقاً آخر } أي نفخنا فيه الروح عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة والشعبي والضحاك. وقيل: هو نبات الشعر والأسنان وإعطاء الفهم عن قتادة. وقيل: يعني ثم أنشاناه ذكراً وأنثى عن الحسن { فتبارك الله أحسن الخالقين } أي تعالى الله ودام خيره وثبت.

السابقالتالي
2 3