الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } * { فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } * { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } * { أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ } * { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } * { قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } * { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ } * { فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم شقاوتنا بالألف الشين والباقون شقوتنا بكسر الشين من غير ألف وقرأ أهل الكوفة غير عاصم سخرياً بضم السين والباقون بكسرها وكذلك في سورة ص. الحجة: قال أبو علي: الشقوة مصدر كالرقة والفطنة والشقاوة كالسعادة فالقراءة بهما جميعاً سائغة. وقال أبو زيد: اتخذت فلاناً سُخرياً وسِخرياً إذا هزئت منه وقد سخرت منه أسخر سخرياً وسَخْراً قال أبو عبيدة اتخذتموهم سِخرياً تسخرون منهم وسُخريا تَسْخَرونهم ويقال أيضاً أن من الهزء سُخري وسِخري ومن السخرية مضمومة لا غير وحكي عن الحسن وقتادة أن ما كان من العبودة فهو سخري بالضم وما كان من الهزء فبالكسر. قال أبو علي: الأكثر في الهزء كسر السين فيما حكوه ويرى أنه إنما كان أكثر لأن السخر مصدر سخرت وفَعل وفِعل قد يكونان بمعنى نحو المثل والمثل والشبه والشبه في حرف آخر فكذلك السخر والسخر إلا أن المكسورة ألزمت ياء النسب دون المفتوحة كما اتفقوا في القسم على الفتح في لعمر الله ولم يعتد بياء النسب كما لو لم يعتد بها في نحو أحمر وأحمري ودوار ودواري والوجه في الضم على ما حكي عن يونس أن السخري قد يقال بالضم بمعنى الهزء واتفق القراء على الضم في الزخرف لأنه من السخرة وانقياد بعضهم لبعض في الأمور وذلك لا يكون إلا بالضم. اللغة: اللفح والنفح بمعنى إلا أن اللفح أشد تأثيراً وأعظم من النفح وهو ضرب من السموم للوجه والنفح ضرب الريح الوجه والكلوح تقلص الشفتين عن الأسنان حتى تبدو الأسنان قال الأعشى:
وَلَــهُ الْمَقْـــدَمُ لا مِثْـــلَ لَهُ   ساعَةَ الشِّدْقُ عَنِ النّابِ كلحُ
وخسأت فلاناً أخسأه خساً إذا زجرته ليتباعد فخساً وهو خاسئ ومعنى أخسأ أي تباعد تباعد منحط. الإِعراب: العامل في إذا نفخ وبينهم ويومئذ خبر لا المحذوف تقديره فلا أنساب تثبت بينهم تلفح وجوههم النار في موضع النصب على الحال والعامل فيه خالدون. المعنى: ثم بيَّن سبحانه حال الفريقين يوم البعث { فإذا نفخ في الصور } قيل إن المراد به نفخة الصعق عن ابن عباس. وقيل: نفخة البعث عن ابن مسعود والصور جمع صورة أي إذا نفخ فيه الأرواح وأعيدت أحياء عن الحسن. وقيل: إن الصور قرن ينفخ فيه إسرافيل ع بالصوت العظيم الهائل على ما وصفه الله تعالى علامة لوقت إعادة الخلق عن أكثر المفسرين { فلا أنساب بينهم يومئذ } أي لا يتواصلون بالأنساب ولا يتعاطفون بها مع معرفة بعضهم بعضاً عن الحسن والمعنى أنه لا يرحم قريب قريبه لشغله عنه فإن المقصود بالأنساب دفع ضرّ أو جرُّ نفع فإذا ذهب هذا المقصود فكأن الأنساب قد ذهب ومثله يوم يفرُّ المرء من أخيه وأمه وأبيه.

السابقالتالي
2 3