الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ٱلْقُبُورِ } * { ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } * { ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } * { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلعَبِيدِ }

الإعراب: ثاني عطفه منصوب على الحال تقديره ثانياً عطفه له في الدنيا خزي له خزي مبتدأ وخبر وفي يتعلق به اللام والمبتدأ وخبره في محل الرفع بأنه خبر. من يجادل خبر بعد خبر. ذلك بأن الله هو الحق وذلك بما قدمت يداك يجوز أن يكون ذلك مبتدءاً والجار والمجرور في موضع الخبر وتجوز أن يكون التقدير الأمر ذلك فيكون ذلك خبر مبتدأ محذوف. المعنى: لمّا قدَّم سبحانه ذكر الأدلة عقَّبه بما يتصل به فقال { ذلك بأن الله هو الحق } معناه ذلك الذي سبق ذكره من تصريف الخلق على هذه الأحوال وإخراج النبات بسبب أن الله هو الحق أي ليعلموا أنه الذي يحقّ له العبادة دون غيره. وقيل: هو الذي يستحق صفات التعظيم { وأنه يحيي الموتى } لأن من قدر على إنشاء الخلق فإنه يقدر على إعادته { وأنه على كل شيء قدير } أما المعدومات فيقدر على إيجادها وأما الموجودات فيقدر على إفنائها وإعادتها ويقدر على جميع الأجناس ومن كل جنس على ما لا نهاية له. { وأن الساعة آتية لا ريب فيها } أي وليعلموا أن القيامة آتية لا شك فيها { وأن الله يبعث من في القبور } أي يحييهم للجزاء لأن ما ذكرناه يدل على البعث على الوجه الذي بيّناه. { ومن الناس من يجادل في الله بغير علم } سبق تفسيره { ولا هدى } أي لا يرجع فيما يقوله إلى علم ولا دلالة { ولا كتاب منير } أي مضيء له نور يؤدّي من تمسك به إلى الحق والمعنى أنه لا يتبع أدلة العقل ولا أدلة السمع وإنما يتبع الهوى والتقليد وفي هذا دلالة على أن الجدال بالعلم صواب وبغير العلم خطأ لأن الجدال بالعلم يدعو إلى اعتقاد الحق وبغير العلم يدعو إلى اعتقاد الباطل. { ثاني عطفه } أي متكبراً في نفسه عن ابن عباس يقول العرب ثنى فلان عطفه إذا تكبر وتجبَّر وعطفا الرجل جانباه من عن يمين أو شمال وهو الموضع الذي يعطفه الإنسان أي يلويه ويميله عند الإعراض عن الشيء. وقيل: معناه لاوي عنقه إعراضاً وتكبّراً عن الله ورسوله عن قتادة ومجاهد { ليضل عن سبيل الله } أي ليضلَّ الناس عن الدين ومن فتح الياء أراد ليضل هو عن طريق الحق المؤدّي إلى توحيد الله. { له في الدنيا خزي } أي هوان وذل وفضيحة بما يجزي له على ألسنة المؤمنين من الذم وبالقتل وغير ذلك { ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق } أي النار التي تحرقهم { ذلك } أي يقال له ذلك العذاب { بما قدمت يداك } أي بما كسبت يداك { وأن الله ليس بظلام للعبيد } في تعذيبه لأن الله لا يظلم ولا يعاقب ابتداء ولا يزيد على الجزاء وفي هذا دلالة واضحة على بطلان مذهب المجبرة الذين ينسبون كل ظلم في العالم إلى الله تعالى.