الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ } * { يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَٱلْجُلُودُ } * { وَلَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ } * { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } * { وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْحَمِيدِ }

القراءة: قرأ أهل المدينة وعاصم ولؤلؤاً بالنصب وفي سورة فاطر مثله والباقون بالجر في الموضعين إلا يعقوب فإنه قرأ ههنا بالنصب وفي فاطر بالجر وترك أبو جعفر وأبو بكر وشجاع الهمزة الأولى منه في جميع القرآن وفي الشواذ قراءة ابن عباس يحلون بفتح الياء وتخفيف اللام. الحجة: قال أبو علي: وجه الجر في لؤلؤ أنهم يحلون فيها من أساور من ذهب ومن لؤلؤ ووجه النصب أنه على ويحلون لؤلؤاً ويجوز أن يكون عطفاً على موضع الجار والمجرور لأن المعنى في يحلون فيها من أساور يحلون أساور. وقال ابن جني: يحلون من حلي يحلى يقال لم أحل منه بطائل أي لم أظفر ويجوز أن يكون من قولهم امرأة حالية أي ذات حلى. اللغة: الخصم يستوي فيه الواحد والجمع والذكر والأنثى يقال رجل خصم ورجلان خصم ورجال خصم ونساء خصم وقد يجوز في الكلام هذان خصمان اختصموا وهؤلاء خصم اختصموا قال الله تعالىوهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب } [ص: 21] وهكذا حكم المصادر إذا وصف بها أو أخبر بها نحو عدل ورضى وصوم وفطر وزور وحري وقمن وما أشبه ذلك وإنما قال في الآية خصمان لأنهما جمعان وليسا برجلين ومثلهوإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } [الحجرات: 9] والحميم الماء المغلي والصهر الإِذابة يقال صهرته فانصهر قال:
تَروي لَقىً أُلقي فِي صَفْصَفٍ   تَصْهَرُهُ الشَّمْسُ فَمـا يَنْصَهِــرْ
يعني ولدها والمقامع جمع مقمعة وهي مدقة الرأس من قمعه قمعاً إذا ردعه، والحريق بمعنى المحرق كالأليم، والأساور جمع أسوار وفيه ثلاث لغات أسوار بالألف وسِوار وسُوار بالكسر والضم والجمع إسورة. النزول: قيل نزلت الآية { هذان خصمان اختصموا } في ستة نفر من المؤمنين والكفار تبارزوا يوم بدر وهم حمزة بن عبد المطلب قتل عتبة بن ربيعة وعلي بن أبي طالب ع قتل الوليد بن عتبة وعبيدة بن الحرث بن عبد المطلب قتل شيبة بن ربيعة عن أبي ذر الغفاري وعطاء وكان أبو ذر يقسم بالله تعالى أنها نزلت فيهم ورواه البخاري في الصحيح. وقيل: نزلت في أهل القرآن وأهل الكتاب عن ابن عباس. وقيل: في المؤمنين والكافرين عن الحسن ومجاهد والكلبي وهذا قول أبي ذر إلا أن هؤلاء لم يذكروا يوم بدر. المعنى: لمّا تقدَّم ذكر المؤمنين والكافرين بيَّن سبحانه ما أعدَّه لكل واحد من الفريقين فقال { هذان خصمان } أي جمعان فالفرق الخمسة الكافرة خصم والمؤمنون خصم وقد ذكروا في قولهإن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين } [الحج: 17] الآية { اختصموا في ربهم } أي في دين ربهم فقالت اليهود والنصارى للمسلمين نحن أولى بالله منكم لأن نبينا قبل نبيكم وديننا قبل دينكم. وقال المسلمون: بل نحن أحق بالله منكم آمنّا بكتابنا وكتابكم ونبيّنا ونبيكم وكفرتم أنتم بنبيّنا حسداً فكان هذا خصومتهم.

السابقالتالي
2