الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئِينَ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلْمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلْجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ }

الإعراب: خبر أن الأولى جملة الكلام مع أن الثانية وزعم الفراء أن قولك إن زيداً إنه لقائم وروي أن هذه الآية إنما صلحت في الذي. قال الزجاج: لا فرق بين الذي وغيره في باب أن أن قلت أن زيداً أنه قائم كان جيداً قال جرير:
إنَّ الْخَلِيفَـــةَ إنَّ اللهَ سَــرْبَلَــهُ   سِرْبَالَ مُلْكٍ بِهِ تُرْجَى الْخَواتِيمُ
المعنى: ثم بيَّن سبحانه أنه نزل الآيات حجة على الخلق فقال { وكذلك } أي ومثل ما تقدَّم من آيات القرآن { أنزلناه } يعني القران { آيات بينات } أي حججاً واضحات على التوحيد والعدل والشرائع { وأن الله يهدي من يريد } أي أنزلنا الله يهدي إلى الدين من يريد. وقيل: إلى النبوة. وقيل: إلى الثواب. وقيل: يهدي من يهتدي بهداه. { إن الذين آمنوا } بمحمد صلى الله عليه وسلم { والذين هادوا } وهم اليهود { والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا } ظاهر المعنى { إن الله يفصل بينهم يوم القيامة } أي يبيّن المحق من المبطل بما يضطر إلى العلم بصحة الصحيح فيبيض وجه المحقّ ويسودُّ وجه المبطل والفصل التمييز بين الحق والباطل { إن الله على كل شيء شهيد } أي عليم مطّلع على ما من شأنه أن يشاهد بعلمه قبل أن يكون لأنه علام الغيوب. ثم خاطب النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به جميع المكلفين فقال { ألم تر } أي ألم تعلم { أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض } من العقلاء { والشمس } أي ويسجد الشمس { والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب } وصف سبحانه هذه الأشياء بالسجود وهو الخضوع والذل والانقياد لخالقها فيما يريد منها { وكثير من الناس } يعني المؤمنين الذين يسجدون لله تعالى وانقطع ذكر الساجدين. ثم ابتدأ فقال { وكثير حق عليه العذاب } أي ممن أبى السجود ولا يوحّده سبحانه. قال الفراء: قوله وكثير حق عليه العذاب يدل على أن المعنى وكثير أبى السجود لأنه لا يحق عليه العذاب إلا بتركه السجود { ومن يهن الله فما له من مكرم } معناه من يهنه الله بأن يشقيه ويدخله جهنم فما له من مكرم بالسعادة أي بإدخاله الجنة لأنه لا يملك العقوبة والمثوبة سواه { إن الله يفعل ما يشاء } من الإِنعام والانتقام بالفريقين من المؤمنين والكافرين.