الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ } * { قَالُوۤاْ أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا يٰإِبْرَاهِيمُ } * { قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } * { فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ } * { قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ } * { أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } * { قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } * { وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ }

اللغة: النكس: هو أن يجعل أسفل الشيء أعلاه ومنه النكس في العلة وهو أن يرجع إلى أول حاله ومنه النكس وهو السهم فوقه فيجعل أعلاه أسفله ويقال للمائق أيضاً نكس تشبيهاً بذلك. الإِعراب: على أعين الناس في موضع الحال أي مرئياً مشهوداً بل فعله كبيرهم هذا من وقف على فعله ففاعله مضمر وتقديره فعله من فعله وكبيرهم مبتدأ وهذا خبره ومن لم يقف على فعله فكبيرهم فاعله وهذا يكون صفة لكبيرهم أو بدلاً عنه وجواب الشرط الذي هو قوله إن كانوا ينطقون محذوف يدل عليه قوله بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم على الوجه الثاني ويقتضي أن يكون للشرط جزآن على هذا والجزاء الثاني معطوف على الأول التقدير إن كانوا ينطقون فقد فعله كبيرهم هذا فاسألوهم والمعنى إن لم يقدروا على النطق لم يقدروا على الفعل. المعنى: ثم ذكر سبحانه ما جرى بين إبراهيم وقومه في أمر الأصنام بقوله { قالوا } يعني قوم إبراهيم { فأتوا به } أي فجيئوا به { على أعين الناس } أي بحيث يراه الناس ويكون بمشهد منهم { لعلهم يشهدون } عليه بما قاله فيكون ذلك حجة عليه بما فعل عن الحسن وقتادة والسدي قالوا كرهوا أن يأخذوه بغير بيّنة معناه لعلهم يشهدون عقابه وما يصنع به أي يحضرونه عن ابن إسحاق والضحاك. { قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم } المعنى فلما جاؤوا به قالوا له هذا القول مقررين له على ذلك فأجابهم إبراهيم ع بأن { قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون } اختلفوا في معناه وتقديره على وجوه أحدها: أنه مقيّد بقوله { إن كانوا ينطقون } والتقدير فقد فعله كبيرهم إن نطقوا فاسألوهم فقد علَّق الكلام بشرط لا يوجد فلا يكون كذباً ويكون كقول القائل فلان صادق فيما يقول إن لم يكن فوقنا سماء. وثانيها: أنه خرج مخرج الخبر وليس بخبر إنما هو إلزام يدلُّ عليه الحال فكأنه قال ما ينكرون أن يكون فعله كبيرهم هذا والإِلزام يأتي تارة بلفظ السؤال وتارة بلفظ الأمر وتارة بلفظ الخبر وربما يكون أحد هذه الأمور أبلغ فيه ووجه الإِلزام أن هذه الأصنام إن كانت آلهة كما تزعمون فإنما فعل ذلك بهم كبيرهم لأن غير الإله لا يقدر أن يكسر الآلهة. وثالثها: أن تقديره فعله من فعله على ما تقدَّم ذكره وهو قول الكسائي، وأما ما ذكر فيه أنه أراد به الخبر عن الكبير وقال إنه غضب من أن يعبد معه الصغار فكسرهنَّ وما روي في ذلك من أن إبراهيم ع كذب ثلاث كذبات قوله إني سقيم وقوله بل فعله كبيرهم وقوله في سارة لما أراد الجبار أخذها وكانت زوجته إنها أختي فمما لا يعوّل عليه فقد دلَّت الأدلة العقلية التي لا تحتمل التأويل على أن الأنبياء لا يجوز عليهم الكذب وإن لم يقصدوا به غروراً ولا ضرراً كما لا يجوز عليهم التعمية في الأخبار ولا التقية لأن ذلك يؤدّي إلى التشكك في أخبارهم وكلام إبراهيم ع يجوز أن يكون من المعاريض فقد أبيح ذلك عند الضرورة وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

السابقالتالي
2 3