الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } * { وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ }

القراءة: قرأ أبو جعفر ونافع مثقال حبة بالرفع وفي لقمان مثله والباقون بالنصب وقرأ آتينا بها بالمدّ ابن عباس وجعفر بن محمد ومجاهد وسعيد بن جبير والعلاء بن سيابة والباقون أتينا بالقصر. الحجة: وجه النصب وإن كان الظلامة مثقال حبة وهذا أحسن لتقدّم قوله { فلا تظلم نفس شيئاً } فإذا ذكر تظلم فكأنه ذكر الظلامة كقولهم من كذب كان شراً له ووجه الرفع أنه أسند الفعل إلى مثقال كما أسند في قولهوإن كان ذو عسرة } [البقرة: 280] أي ذا عسرة وكذلك قول الشاعر:
إذا كان يوم ذو كواكب أشهبا   
ومن قرأ آتينا فهو فاعَلْنا فهو من آتى يوآتي موآتاة عن ابن جني وروي عن الصادق ع أنه قال: معناه جازينا بها وعلى هذا فيجوز أن يكون من أفْعَلنا ويكون مفعول آتينا محذوفاً وتقديره آتيناها بها للجزاء. اللغة: النفحة الوقعة اليسيرة تقع بهم يقال نَفَح يَنْفَح نَفْحاً ونفح الطيب ينفَح فله نفحة طيبة ونفحت الدابة إذا رمت بحافرها فضربت به ونفحه بالسيف إذا تناوله من بعيد وأما حديث شريح أنه أبطل النفح من نفح الدابة فالمعنى أنه كان لا يلزم صاحبها شيئاً والقسط العدل وهو مصدر يوصف به والتقدير ونضع الموازين ذوات القسط. الإِعراب: شيئاً انتصب على أنه مفعول ثان لتظلم ويجوز أن يكون منصوباً على المصدر أي لا تظلم نفس ظلماً ومن رفع مثقال حبة فإنَّ كان تكون تامة ومن نصب فإنَّ كان ناقصة واسمها الضمير المستكن فيها العائد إلى شيء وكفى بنا حاسبين. قال الزجاج: انتصب قوله { حاسبين } على التمييز أو على الحال ودخلت الباء في بنا لأنه خبر في معنى الأمر والمعنى اكتفوا بالله حسيباً وقد روي عن ابن عباس أنه قرأ ضياء بغير واو ويكون على هذا منصوباً على الحال من الفرقان ويجوز أن يكون مفعولاً له والواو يكون عطفاً على الفرقان وتكون الواو داخلة على ضياء وإن كان صفة في المعنى دون اللفظ كما تدخل على الصفة التي هي صفة لفظاً. قال سيبويه: إذا قلت مررت بزيد وصاحبك وزيد هو الصاحب جاز ولو قلته بالفاء لم يجز كما جاز بالواو لأن الفاء يقتضي التعقيب وتأخير الاسم عن المعطوف عليه بخلاف الواو والذين يخشون في محل جرّ لأنه صفة للمتقين ويجوز أن يكون في محل نصب أو رفع على المدح وبالغيب في محل النصب على الحال. المعنى: لمّا تقدَّم الإنذار بالعذاب ذكر عقيبه { ولئن مستهم نفحة } أي أصابهم طرف عن ابن عباس. وقيل: قليل عن ابن كيسان. وقيل: نصيب عن ابن جريج. وقيل: بعض ما يستحقونه من العقوبة عن أبي مسلم { من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين } أي يدعون بالويل والثبور عند نزوله ثم قال سبحانه { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة } أي نضع الموازين ذوات القسط ليوم القيامة.

السابقالتالي
2