الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ } * { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ }

اللغة: الهزؤ إظهار خلاف الإبطان لإيهام النقص عن فهم القصد يقال هزأ منه يهزأ هزؤاً فهو هازىء ومثله السخرية ويقول العرب ذكرت فلاناً أي عبته قال عنترة:
لا تَذْكُرِي مهْرِي وَما أَطْعَمْتُهُ   فَيَكُونَ جِلْدُكِ مِثْلِ جِلْدِ الأَجْرَبِ
والعجلة تقديم الشيء قبل وقته وهو مذموم والسرعة تقديم الشيء في أقرب أوقاته وهو محمود والاستعجال طلب الشيء قبل وقته الذي حقّه أن يكون فيه دون غيره. الإعراب: وإذا رآك العامل في إذا اتخذوا وهو معنى قوله: { إن يتخذونك إلا هزواً } لأن معناه اتخذوك هزواً وقوله: { أهذا الذي يذكر آلهتكم } تقديره قائلين أهذا الذي يذكر آلهتكم فحذف قائلين وهو في موضع الحال كما حذف ذلك من قوله:والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم } [الزمر: 3] أي قائلين ما نعبدهم والباء في قوله بذكر الرحمن يتعلق بقوله كافرون وقوله حين لا يكفُّون يجوز أن يكون مفعولاً به ليعلم ويجوز أن يكون ظرفاً له فيكون مفعول يعلم محذوفاً تقديره لو يعلمون الأمر حين لا يكفون وجواب لو محذوف وتقديره لانتهوا بغتة نصب على الحال من المفعول تقديره بل تأتيهم مبهوتين مفاجئين ويجوز أن يكون حالاً من الفاعل وهو ضمير المستكن في تأتي والتقدير بل تأتيهم باغتة مفاجئة. المعنى: ثم خاطب نبيّه صلى الله عليه وسلم وقال: { وإذا رآك } أي إذا رآك يا محمد { الذي كفروا } وأنت تعيب آلهتهم وتدعوهم إلى التوحيد { إن يتخذونك } أي ما يتخذونك { إلا هزواً } أي سخرية يقول بعضهم لبعض: { أهذا الذي يذكر آلهتكم } أي يعيب آلهتكم وذلك قوله إنها جماد لا ينفع ولا يضرّ { وهم بذكر الرحمن } أي بتوحيده. وقيل: بكتابه المنزل: { هم كافرون } أي جاحدون عجب الله سبحانه نبيّه صلى الله عليه وسلم منهم حيث جحدوا الحي المنعم القادر العالم الخالق والرازق واتخذوا ما لا ينفع ولا يضرّ ثم أن من دعاهم إلى تركها اتخذوه وهم أحق بالهزؤ عند من يدبّر حالهم: { خلق الإنسان من عجل } قيل فيه قولان أحدهما أن المعني بالإنسان آدم ثم إنه قيل في عجل ثلاث تأويلات منها أنه خلق بعد خلق كل شيء آخر نهار يوم الجمعة وهو آخر أيام السنة على سرعة معاجلاً به غروب الشمس عن مجاهد ومنها أن معناه في سرعة من خلقه لأنه لم يخلقه من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة كما خلق غيره وإنما أنشأه إنشاء فكأنه سبحانه نبّه بذلك على الآية العجيبة في خلقه ومنها أن آدم ع لما خلق وجعلت الروح في أكثر جسده وثب عجلان مبادراً إلى ثمار الجنة. وقيل: همَّ بالوثوب فهذا معنى قوله من عجل عن ابن عباس والسدي وروي ذلك عن أبي عبد الله ع.

السابقالتالي
2